للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والملاحم (١) عند أخبار المسيح الدجّال، فنذكر ما ورد في نزول المسيح المهدي من ذي الجلال لقتل المسيح الدجال الكذاب الداعي إلى الضلال، وهذا ذكر ما ورد في الآثار في صفة رفعه إلى السماء.

قال ابن أبي حاتم: حدّثنا أحمد بن سنان، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلًا منهم من الحواريين، يعني فخرج عليهم من عين في البيت، ورأسه يقطر ماءً، فقال: إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي، ثمّ قال: أَيّكم يُلقى عليه شبهي فيُقتل مكاني فيكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سنًا، فقال له: اجلس. ثمّ أعاد عليهم، فقام الشاب، فقال: اجلس. ثمّ أعاد عليهم، فقام الشاب، فقال: أنا، فقال: أنت، هو ذاك، فأُلقي عليه شبه عيسى، ورُفع عيسى من رَوْزَنةٍ في البيت إلى السماء. قال: وجاء الطلب من اليهود، فأخذوا الشبه، فقتلوه، ثم صلبوه، فكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به، وافترقوا ثلاث فرق، فقالت طائفة: كان الله فينا ما شاء، ثمّ صعد إلى السماء، هؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء ثمّ رفعه الله إليه، وهؤلاء النسطورية. وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء المسلمون. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسًا حتى بعث الله محمدًا . قال ابن عباس: وذلك قوله تعالى: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ (٢) [الصف: ١٤].

وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس على شرط مسلم.

ورواه النسائي عن أبي كُريب، عن أبي معاوية، به نحوه.

ورواه ابن جرير، عن سَلْم (٣) بن جُنادة، عن أبي معاوية.

وهكذا ذكر غير واحد من السلف. وممن ذكر ذلك مطولًا محمد بن إسحاق بن يسار قال: وجَعَل عيسى يدعو الله ﷿ أن يؤخّر أجله، يعني ليبلِّغ الرسالة ويكمل الدعوة ويكثر الناس الدخول في دين الله، قيل: وكان عنده من الحواريين اثنا عشر رجلًا: فطرس (٤)، ويعقوب بن زبدا، ويحنس أخو يعقوب، واندرابيس، وابن قلما، ومتى، وتوماس، ويعقوب بن خلفايا،


(١) في آخر هذا الكتاب.
(٢) مختصر تاريخ دمشق (٢٠/ ١٣٨).
(٣) في ب: ابن خزيمة. وفي ط: مسلم بن جنادة. وهو تحريف. وسَلْم بن جنادة بن سلم السُّوائي، أبو السائب الكوفي وثقه ابن حجر في التقريب (١/ ٣١٣). توفي سنة (٢٥٤ هـ).
والخبر أورده ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٨/ ٦٠).
(٤) حصل في أسماء الحوارين تصحيف وتحريف كثير بين المطبوع ونسخنا. وكذلك في تفسير الطبري (٦/ ١١).