للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم راح إليه جماعة من أعيان (١) دمشق ثم عادوا من عنده فشُلّحوا عند باب شرقي وأخذ ثيابهم وعمائمهم ورجعوا في شر حالة، ثم بعث في طلبهم فاختفى أكثرهم وتغيبوا عنه، ونودي بالجامع بعد الصلاة ثالث رجب من جهة نائب القلعة بأن العساكر المصرية قادمة إلى الشام (٢)، وفي عشيَّة يوم السبت رحل بولاي وأصحابه من التتر (٣) وانشمروا عن دمشق وقد أراح اللّه منهم، وساروا من على عقبة دُمَّر (٤) فعاثوا في تلك النواحي فسادًا، ولم يأت سابع الشهر وفي حواشي البلد منهم أحد، وقد أزاح اللّه ﷿ شرهم عن العباد والبلاد، ونادى قَبْجَق في الناس قد أمنت الطرقات ولم يبق بالشام من التتر (٥) أحد، وصَلَّى قَبْجَق يوم الجمعة عاشر رجب بالمقصورة (٦)، ومعه جماعة عليهم (٧) لأْمَةُ الحرب من السيوف والقِسيّ والتراكيش فيها النشّاب، وأمنت البلاد، وخرج الناس للفرجة في غيض السفرجل على عادتهم فعاثت عليهم طائفة من التتر، فلما رأوهم رجعوا إلى البلد هاربين مسرعين، ونهب بعض الناس بعضًا ومنهم من ألقى نفسه في النهر، وإنما كانت هذه الطائفة مجتازين ليس لهم قرار، وتقلق قَبْجَق من البلد ثم إنه خرج منها في جماعة من رؤسائها وأعيانها منهم عزّ الدين ابن القلانسي ليتلقوا الجيش المصري، وذلك أن جيش مصر خرج إلى الشام في تاسع رجب وجاءت البريدية بذلك، وبقي البلد ليس به أحد، ونادى أرجواش في البلد احفظوا الأسوار وأخرجوا ما كان عندكم من الأسلحة ولا تهملوا الأسوار والأبواب، ولا يبيتنَّ أحدٌ إلا على السور، ومن بات في داره شنق (٨)، فاجتمع الناس على الأسوار لحفظ البلاد. وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية يدور كلَّ ليلة على (٩) الأسوار يحرّض الناس على الصبر والقتال ويتلو عليهم آيات الجهاد والرباط، [ويذكر لهم الأحاديث الواردة عن رسول الله في فضل الجهاد والرباط والحرس ويحثهم على ذلك] (١٠).

وفي يوم الجمعة سابع عشر رجب أُعيدت الخطبة بدمشق (١١) لصاحب مصر السلطان الملك الناصر


(١) ب: جماعة من الأعيان فعادوا من عنده فشلحوا عند باب شرقي وأخذت ثيابهم.
(٢) ب: قادمة واصلة إليكم.
(٣) ب: ترحل بولاي وأصحابه وانشمروا عن البلد قد أراح اللّه منهم.
(٤) ب: على عقبة دمشق. ودمر اليوم إحدى مصايف دمشق تقع على ارتفاع ١٦٠٠ م في الغوطة الغربية.
(٥) ب: التتار.
(٦) أ: في المقصورة.
(٧) ب: ومعه جماعة من أصحابه عليهم لأمة الحرب.
(٨) عن ب وحدها.
(٩) أ: فوق، ب: إلى فوق الأسوار.
(١٠) ما بين الحاصرتين فيه خلاف بسيط في ب، ولم أجد فائدة من إثباته.
(١١) أ: لصاحب مصر بدمشق، وفي ب: بجامع دمشق لصاحب مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>