للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يدلّ على سجيّةٍ طاهرة، حيث قدَّم حلف ذلك الرجل، فظنَّ أن أحدًا لا يحلف بعظمة الله كاذبًا، على ما شاهده منه عيانًا، فقبل عُذرَه، ورجع على نفسه فقال: آمنت بالله، أي: صدَّقتُكَ، وكذّبت بصري لأجل حلفك.

وقال البخارى (١): حدّثنا محمد بن يوسف، حدّثنا سُفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "تُحْشَرُونَ حُفاةً عُراةً غُرْلًا" ثمّ قرأ ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]، فأوَّلُ الخلقِ يُكْسَى إبراهيم، ثمّ يُؤْخَذُ برجالٍ من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول: أصحابي! فيقال: إنّهم لن يزالوا مرتَدّين على أعقابهم منذ فارقتَهُم. فأقول كما قال العبدُ الصالحُ عيسى ابنُ مريم ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٧ - ١١٨].

تفرّد به دون مسلم من هذا الوجه.

وقال (٢) أيضًا: حدّثنا عبد الله بن الزبير الحُمَيدِي، حدّثنا سفيان، سمعت الزُّهْري يقول: أخبرني عُبَيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس سمع عُمر يقول على المنبر: سمعتُ رسول الله يقول: "لا تُطْروني كما أطْرتِ النَّصارى عيسى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ ورسولُه".

وقال البخاري (٣): حدّثنا مسلم بن (٤) إبراهيم، حدّثنا جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "لم يَتكَلَّمْ في المهدِ إلّا ثَلاثَةٌ: عيسى، وكانَ في بني إسرائيل رجلٌ يقال له جُرَيج يُصَلِّي إذْ جاءته (٥) أُمُّهُ فدعتْه، فقال: أُجِيْبُها أو أُصَلّي؟ فقالت: اللهم لا تُمِتْهُ حَتّى تُريه وجوهَ المومساتِ. وكان جُريجٌ في صَوْمَعةٍ، فتعرَّضت (٦) له امرأة وكلَّمته فأبى، فأتت راعيًا فأمكنته من نفسها، فولدت غلامًا، [فقيل لها: ممن؟] (٧) قالت: من جريج. فأتَوْه وكَسروا صومعته، فأنزلوه وسبّوه. فتوضّأَ وصلّى، ثمّ أتى الغلامَ فقالَ: من أبوك يا غلام؟ قال: فلانٌ الراعي. قالوا: أنبني صومعتَكَ من ذهب؟ قال: لا، إلا من طين. وكانتِ امرأةٌ تُرضعُ ابنًا لها في بني إسرائيل، فمرَّ بها رجلٌ


(١) صحيح البخاري رقم (٣٤٤٧)، في الأنبياء، باب قول الله تعالى ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾.
(٢) صحيح البخاري رقم (٣٤٤٥)، في الأنبياء، باب ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾.
(٣) صحيح البخاري رقم (٣٤٣٦)، في الأنبياء، باب قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾.
(٤) قوله: مسلم بن سقط من ط.
(٥) في البخاري: كان يصلي فجاءته.
(٦) كذا في ب. وهو موافق لرواية البخاري، في م و ط "فعرضت".
(٧) ليست في البخاري.