للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدجَّالَ أعورُ العينِ اليمنى كأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِية. وأراني الليلةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ في المنامِ فإذا رَجُلٌ آدَمُ كأحْسَنِ ما يُرى من أُدْمِ الرِّجالِ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَينَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعْرِ، يَقْطُرُ رأسُه ماءً، واضعًا يديهِ على مَنْكِبي رَجُلَيْنِ، وهُو يطوفُ بالبيت، فقلتُ: من هذا؟ فقالوا: المسيحُ بنُ مريمَ. ثُمَ رأيتُ رَجُلًا ورَاءَهُ جَعْدًا قَطَطًا أعْورَ عينِ اليُمْنَى كأشْبَهِ من رأيْتُ بابنِ قَطَني، واضعًا يدَه على مَنكبي رَجُل يطوفُ بالبيتِ، فقلتُ: مَن هذا؟ فقالوا: المسيحُ الدَّجَّال" (١).

ورواه مسلم (٢) من حديث موسى بن عقبة به (٣).

ثمّ قال البخاري: تابعه عُبيد الله، عن نافع (٤). ثمّ ساقه من طريق الزُّهري عن سالم [عن] ابن عمر. قال الزهري: وابن قَطَن رجل من خزاعة هلك في الجاهلية (٥).

فبين صلوات الله وسلامه عليه صفة المسيحَيْنِ مسيحِ المهدي ومسيحِ الضلالة، ليُعرَفَ هذا إذا نَزَل فيؤمن به المؤمنون، ويُعرَف الآخر فيحذره الموحِّدون.

وقال البخاري (٦): حدَّثنا عبد الله بن محمد، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن همام بن منبّه، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "رأى عيسى ابن مريم رجلًا يسرق، فقالَ له: أسَرَقْتَ؟ قال: كلاّ والذي لا إله إلا هو. فقال عيسى: آمنت بالله وكذّبْتُ عيني".

وكذا رواه مسلم عن (٧) محمد بن رافع عن عبد الرزاق.

وقال أحمد (٨): حدّثنا عفان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن حُميد الطويل، عن الحسن وغيره، عن أبي هريرة قال: ولا أعلمه إلا عن النبي قال: "رأى عيسى رَجُلًا يَسْرقُ فقالَ: يا فلان أسرقت؟ فقال: لا والله ما سرقت. فقال: آمنتُ باللهِ وكذَّبْتُ بصري".


(١) رواه البخاري: رقم (٣٤٣٩) (٣٤٤٠) في الأنبياء، باب قول الله ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾.
وقوله: طافية: أي بارزة. وآدم: أسمر. واللمّة: شعر الرأس إذا جاوز الأذنين. ورجِل الشعر: أي قد سرحه ودهنه. والقطط: شدة جعودة الشعر.
(٢) صحيح مسلم رقم (١٦٩)، في الإيمان، باب ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال.
(٣) به، زيادة من ب.
(٤) في ط. عبد الله بن نافع. وهو خطأ.
(٥) صحيح البخاري رقم (٣٤٤١). في الأنبياء، باب ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾.
(٦) صحيح البخاري رقم (٣٤٤٤). في الأنبياء، باب قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾.
(٧) قوله: مسلم عن، سقط من ط. والحديث في صحيح مسلم، رقم (٢٣٦٨)، في الفضائل، باب فضائل عيسى .
(٨) المسند (٢/ ٣٨٣).