للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبله لغيره (١)، ولا بلغنا أنّها اجتمعت لأحد بعده إلى زماننا هذا: القضاءُ والخَطابةُ ومَشْيَخَةُ الشُيوخ (٢).

وفي يوم الإثنين الرابع والعشرين من ربيع الأول قُتِلَ الفَتْحُ أحمد بن البَقَقِي (٣) بالدِّيار المصرية، حكم فيه القاضي زين الدين بن مخلوف المالكي بما ثبت عنده من تنقُّصه (٤) للشريعة واستهزائه بالآيات المحكمات، ومعارضة المشتبهات بعضها ببعض. يُذكر عنه أنّه كان يُحِلُّ المحرّمات من اللواط والخمر وغير ذلك، لمن كان يجتمع به (٥) من الفَسَقة من التُّرك وغيرهم من الجهلة. هذا وقد كان له فضيلة وله اشتغال وهيئة جميلة في الظاهر، وبِزَّته ولبسته جيدة، ولما أوقف عند شباك دار الحديث الكامِلية (٦) بين القَصْرَيْن استعان (٧) بالقاضي تقي الدين بن دقيق العيد وقال: ما تعرف مني؟ فقال: [إنما] (٨) أعرف منك الفضيلة، ولكن حكمك إلى القاضي زين الدين، فأمر القاضي للوالي أن يضرب عنقَه. فضُرِب عُنقُه وطِيف برأسه في البلد، ونوديَ عليه: هذا جزاء من طعن في الله ورسوله.

قال البرزالي في "تاريخه" (٩): وفي وسط شهر ربيع الأول ورد كتابٌ من بلاد حماةَ من جهة قاضيها يخبر فيه أَنّه وقع في هذه الأيام ببارِيْنْ (١٠) من عمل حماة بَرَدٌ كِبار على صُور حيوانات مختلفة شتى؛ سباع وحَيّات وعقاربَ وطيورٍ ومَعَزٍ ونساءً، ورجالٍ في أوساطهم حَوَائص (١١)، وأن ذلك ثبت بمحضر عند قاضي الناحية، ثم نُقل ثبوتُه إلى قاضي حماة.


(١) في ط: لغيره قبله.
(٢) زاد الناسخ في المتن هنا قوله:
قلت: قد اجتمعت بعد موت المؤلف لجماعة منهم برهان الدين بن جماعة، وبعده شرف الدين وعلاء الدين بن أبي البقاء، وشهاب الدين الباعوني، وقبله ابن القرشي شهاب الدين وشمس الدين الإخنائي، وشهاب الدين بن حجي، وغير هؤلاء تولَّوا هذه الوظائف على قاعدة بدر الدين بن جماعة. وكذلك في الدارمى (٢/ ١٥٦).
(٣) في ط: "الثقفي"، محرف، وما أثبتناه هو الصواب، قيده الذهبي في المشتبه فقال: "الثقفي كثير، بالموحدة وقافين: مجد الدين … ابن البققي الحموي … ونسيبه فتح الدين أحمد بن البققي الذي قتل على الزندقة سنة ٧٠١" وينظر تبصير المنتبه لابن حجر ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩، وتوضيح ابن ناصر الدين ١/ (بشار).
(٤) في ط: تنقيصه.
(٥) في ط: فيه.
(٦) "الكاملية": دار حديث في مصر بناها الملك الكامل الأيوبي، أبو المعالي مات سنة ٦٣٥ هـ، ترجمته في وفيات الأعيان (٥/ ٨١).
(٧) في ط: استغاث. وابن دقيق العيد ستأتي ترجمته في وفيات سنة ٧٠٢ هـ.
(٨) سقطت من ط.
(٩) علم الدين البرزالي، هو القاسم بن محمد، نقل ابن كثير عنه تاريخه الذي ذيل به على تاريخ أبي شامة. وستأتي ترجمته في وفيات ٧٣٩ هـ، وتاريخه مخطوط، منه نسخة في إستانبول، وحقق القسم الثاني منه الدكتور معن سعدون العيفان، نال به رتبة الدكتوراه.
(١٠) قال ياقوت: والعامّةُ تقول: بعرين. مدينة حسنة بين حلب وحماة من جهة الغرب.
(١١) "الحوائص": ج حِيَاصة بالكسر، سَيْرٌ يشدُّ به حزام السَّرج، وقد استعمل في كل ما يَشُدُّ به الإنسان حَقْوَه.=

<<  <  ج: ص:  >  >>