للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخِنزير، ويَضَعُ الجِزْيَةَ، ويُعَطِّلُ المِلَلَ، حتى يهلك في زمانه المِلَل كلُّها غير الإسلام، ويُهلك اللهُ في زمانه المسيحَ الدجَّالَ الكذابَ، وتقع الأَمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعًا، والنمورُ مع البقر، والذئابُ مع الغنم، ويلعبُ الصبيان والغلمان بالحيات لا يضر بعضهم بعضًا، فيمكثُ ما شاءَ اللهُ أنْ يمكثَ، ثمّ يُتَوفَّى، فَيُصَلِّي عليه المسلمونَ ويدفنونَه".

ثمّ رواه أحمد (١) عن عَفّان، عن همام، عن قتادة، عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، فذكر نحوه، وقال: "فيمكث أربعين سنةً. ثُمَّ يُتَوفّى ويصلّي عليه المسلمون".

ورواه أبو داود عن هُدبة بن خالد، عن همام بن يحيى (٢)، به نحوه.

وروى هشام بن عروة عن صالح مولى أبي هريرة، عنه أن رسول الله قال: " فيمكث في الأرض أربعين سنة". وسيأتي بيانُ نزوله في آخر الزمان في كتاب الملاحم (٣)، كما بسطنا ذلك أيضًا في "التفسير" عند قوله تعالى في سورة النّساء [الآية: ١٥٩]: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ (٤)، وقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ الآية (٥) [الزخرف: ٦١]، وأنَّه ينزل على المنارة البَيضاءَ بدمشق، وقد أقيمت صلاةُ الصبح، فيقول له إمام المسلمين: تقدَّم يا روح الله فَصَل، فيقول: لا، بعضُكم على بعضٍ أمراء تكرمة الله هذه الأمة، وفي رواية: فيقول له عيسى: إنما أُقيمت الصلاةُ لكَ، فيُصلي خلفه. ثمّ يركبُ ومعه المسلمون في طلب المسيح الدجال، فيلحقه عند باب لُدّ، فيقتله بيده الكريمة. وذكرنا أنه قَويَ الرجاءُ حِيْنَ بُنيت هذه المنارةُ الشرقيةُ بدمشق التي هي من حِجارة بيض، وقد بنيت (٦) أيضًا من أموال النصارى حين حَرقوا التي هدمت وما حولها، فينزل عليها عيسى ابن مريم ، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ولا يقبل من أحدٍ إلّا إلاسلام، وأنه يخرج (٧) من فج الرَّوْحاء حاجًا أو معتمرًا أو ليُثَنِّيهما، ويقيم أربعين سنة، ثمّ يموت فيدفن فيما قيل في الحجرة النبوية عند رسول الله وصاحبيه.

وقد ورد في ذلك حديث ذكره ابن عساكر (٨) في آخر ترجمة (٩) المسيح في كتاب عن


(١) المسند (٢/ ٤٠٦).
(٢) سنن أبي داود (٤٣٢٤)، ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان أيضًا (٦٨٢١).
(٣) في الجزء الأخير من هذا الكتاب. وهناك تخريج الأحاديث الواردة في ذلك.
(٤) تفسير ابن كثير (١/ ٥٧٨) وما بعدها.
(٥) التفسير (٤/ ١٣١) وما بعدها.
(٦) أشار ابن كثير في تفسيره (١/ ٥٨٣) إلى أن المنارة المذكورة بنيت سنة إحدى وأربعين وسبعمئة.
(٧) كذا في ب. وفي أ و ط: يحج. وفج الروحاء: بين مكة والمدينة.
(٨) مختصر ابن منظور (٢٠/ ١٥٤).
(٩) كذا في ط: وفي بعض النسخ: بعثة. وفي ب قصة.