للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمود المعروف بابن القَلَانسي، فباشرها (١) وعزل عنها البصراوي محتسب البلد.

وفي هذا الشهر باشر قاضي القضاة (٢) ابن جماعة مشيخة سعيد السُّعداء بالقاهرة بطلب الصُّوفية له، ورَضُوا منه بالحضور عندهم في الجمعة مرةً واحدة، وعُزل عنها الشيخ كريم الدين الآمُلي (٣) لأنَّه عزل منها الشُّهود، فثاروا عليه، وكتبوا في حقه محاضرَ بأشياء قادحة في الدّين، فرُسم بصرفه عنهم، وعُومل بنظير ما كان يعامل به النّاس، [ومن جملة ذلك قيامه على شيخ الإسلام ابن تيمية وافتراؤه عليه الكذبَ، مع جهله وقلة ورعه، فعجَّل الله له هذا الخزي على يدي أصحابه وأصدقائه جزاءً وفاقًا] (٤).

وفي شهر رجبٍ كَثُر الخوفُ بدمشقَ وانتقل الناس من ظاهرها إلى داخلها، وسبب ذلك أنَّ السلطانَ الملك الناصر محمد بن قلاوون ركب من الكَرَك قاصدًا دمشقَ يطلب عودَه إلى الملك، وقد مالأَهُ جماعةٌ من الأمراء وكاتبوه في الباطن وناصحوه، وقفز إليه جماعة من أمراء المصريين، وتحدَّث النَّاسُ بسفر نائب دمشق الأَفْرم إلى القاهرة، وأن يكون مع الجمِّ الغفير، فاضطرب النّاسُ ولم تفتح أبوابُ البلد إلى ارتفاع النهار، وتخبَّطت الأمور، فاجتمع القضاة وكثيرٌ من الأمراء بالقصر وجددوا البيعة للملك المظفَّر (٥)، وفي آخر نهار السبت غلّقت أبوابُ البلد بعد العصر وازدحم الناس بباب النصر وحصَلَ لهم تعبٌ عظيم، وازدحم البلد بأهل القرى وكثر الناس بالبلد، وجاء البريد بوصول الملك الناصر إلى الخَمَّانِ (٦)، فانزعجَ نائبُ الشام لذلك، وأظهر أنه يريد قتاله ومنعه من دخول البلد، وقفز إليه الأميران ركن الدين بِيْبَرس المجنون (٧)، وبِيْبَرْس العلميّ (٨)، وركب إليه الأمير سيف الدين بَكْتَمُر حاجب الحجّاب يشير عليه بالرجوع، ويخبره بأنه لا طاقَةَ له بقتال المصريين، ولحقه الأمير سيفُ الدّين بَهَادُر (٩) آص يشير عليه بمثل ذلك، ثم عاد إلى دمشق يوم الثلاثاء خامس رجب وأُخْبر أن السلطان الملك الناصر قد عاد إلى الكَرَك، فسكن الناس ورجع نائبُ السلطنة إلى القصر، وتراجَعَ بعض الناس إلى مساكنهم، واستقروا بها.


(١) في ط: فباشرهما.
(٢) في ب: بدر الدين.
(٣) في ط و أ: الأيكي وقد سبق الحديث عن ذلك. وسيأتي في وفيات سنة (٧١٠ هـ).
(٤) ليست في ب.
(٥) في ب: لصاحب الملك المظفّر.
(٦) "الخَمَّان": من نواحي البثَنَيه من أرض الشّام، وهي بين دمشق وأذرعات. ياقوت.
(٧) هو أحد الأمراء بدمشق مات سنة (٧١٥ هـ).
(٨) وفي الدرر الكامنة (١/ ٥٠٩): العلائي، وفاته سنة (٧١٢ هـ) بالكَرَك.
(٩) في ط: بهادر. وسيأتي في وفيات سنة (٧٣٠ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>