للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ملَكا (١) من الملائكة. وقد حُكي هذا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فإنه سمع رجلًا يقول لآخر: يا ذا القرنين، فقال: مَهْ! ما كفاكم أن تتسمَّوا بأسماء الأنبياء حتى تسمَّيتم بأسماء الملائكة. ذكره السهيلى (٢).

وقد رَوَى وكيعٌ، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: كان ذو القرنين نبيًا.

وروَى الحافظُ ابنُ عساكر من حديث أبي محمد بن أبي نصر، عن أبي إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن أبي ذؤيب، حدّثنا محمد بن حماد، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن المَقْبُري، عن أبي هُريرة قال: قال رسول الله : "لا أدْري أَتُبَّعٌ كانَ لَعِينًا أمْ لَا، ولا أدْري الحدُودُ كَفَّارات لأَهْلِها أمْ لا، ولا أدري ذو القرنين نبيًا كان أم لا" (٣).

وهذا غريب من هذا الوجه.

وقال إسحاق بن بشر، عن عثمان بن السَّاج، عن خُصَيْف (٤)، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان ذو القرنين مَلِكا صالحًا، رضي الله عملَه، وأثنى عليه في كتابه، وكان منصورًا، وكان الخضِر وزيره.

وذكروا أن الخضر كان على مقدمة جيشه، وكان عنده بمنزلة المشاور الذي هو من الملك بمنزلة الوزير في اصطلاح الناس اليوم.

وقد ذكر الأزرقي وغيره أن ذا القرنين أسلم على يدي إبراهيم الخليل، وطاف معه بالكعبة المكرمة هو وإسماعيل .

وروي عن عُبيد بن عمير وابنه عبد الله وغيرهما أن ذا القرنين حجَّ ماشيًا، وأن إبراهيم لما سمع بقدومه تلقّاه ودعا له ووصَّاه (٥)، وأن الله سخّر (٦) لذي القرنين السحابَ يحمله (٧) حيث أراد. والله أعلم.


(١) في ب: كان ملكًا.
(٢) الروض الأنف (٢/ ٦٠).
(٣) أخرجه أبو داود (٤٦٧٤)، في السنة، باب في التخيير بين الأنبياء باختصار وفيه "عزير" بدلًا من ذي القرنين. وهو في مختصر تاريخ دمشق (٨/ ٢١٥).
(٤) هو خُصَيْف بن عبد الرحمن، أبو عون الخِضْرِمي، الأموي، مولاهم الجزري الحرّاني، رمي بالإرجاء، وفيه كلام. توفي سنة سبع وثلاثين ومئة، وقيل غير ذلك. سير أعلام النبلاء (٦/ ١٤٥).
(٥) في ط: ورضاه. وفيها تحريف وتصحيف.
(٦) في ب: يسخر.
(٧) في ب: السحابة تحمله.