للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأطلاب (١) على راياتها، وأَبرزوا ما عندهم من العُدَد وآلات الحرب، وكان يومًا مشهودًا، وخرج مع الجيش ابنُ صَصْرَى، لأنّه قاضي العساكر وقاضي قضاة الشامية، فساروا حتَّى دخلوا حَلَبَ في الحَاديْ عَشَرَ من الشَّهر، ومنها وَصَلوا (٢) في السادسَ عشرَ إلى بلاد الروم إلى مَلَطْيَةَ، فشرعوا في محاصرتها في الحادي والعشرينَ من المحَرَّم، وقد حُصِّنَت ومُنِعَتْ وغُلِّقَتْ أبوابُها، فلما رأوا كثرةَ الجيش نزلَ متولِّيْها وقاضيها، وطلَبُوا الأمان، فأَمَّنُوا المسلمين ودخلوها، فقتلوا من الأَرْمن خلقًا ومن النَّصارى، وأسروا ذريةً كثيرةً، وتعدَّى ذلك إلى بعض المسلمين وغَنِمُوا شيئًا كثيرًا، وأخذت أموال كثير من المسلمين ورجعوا عنها بعد ثَلَاثة أيَّام، يوم الأربعاء رابع عشرينَ المحرَّم إلى عَيْن تَاب (٣) إلى مرج دابق (٤)، وزُيّنت (٥) دمشقُ ودُقَّت البشائر.

وفي أول صفر دَخل (٦) نائب مَلَطيةَ متوجهًا إلى السلطان.

وفي نصف الشهر وصل قاضيها الشَّريف شمسُ الذين ومعه خلق من المسلمين من أهلها.

وفي بكرة نهار الجمعة سادس عشر ربيع الأول دخل تَنْكِز دمشق وفي خدمته الجيوشُ الشَّامية والمصرية (٧)، وخرج النَّاسُ للفُرجة عليهم على العادة، وأقام المصريون قليلًا ثمَّ ترَحَّلُوا إلى القاهرة.

وقد كانت مَلَطْيَةُ إقطاعًا للجُوْبَان (٨) أطلقها له ملك التَّتر، فاستناب بها رجلًا كرديًّا فتعدَّى وأساء وظلم، وكاتب أهلُها السُّلطانَ الناصرَ وأحبُّوا أن يكونوا من رعئته، فلما ساروا إليها وأخذوها وفعلوا ما فعلوا فيها، جاءها بعد ذلك الجُوبان فعَمَرَها وردَّ إليها خلقًا من الأَرْمن وغيرهم.

وفي التاسعَ عشَر من هذا الشهر وصل إلينا الخبر بمَسْك بَكْتَمُر الحاجب وأَيْدُغْدِي شُقَيْر وغيرهما (٩)، وكان ذلك يوم الخميس مستهل هذا الشهر، وذلك أنّهم اتَّفقوا على السُّلطان فبلغه الخبرُ فمسكَهُم، واحتيط على أموالهم وحواصلهم، وظهر لبَكْتَمُر أموالٌ كثيرةٌ وأمتعةٌ وأخشابٌ وحواصلُ كثيرةٌ.


(١) الأطلاب: الكتائب.
(٢) في ب: ومنها توجّه الجيش.
(٣) هي قلعة حصينة بين حلب وإنطاكية، وهي الآن من أعمال حلب. ياقوت.
(٤) هي: بلدة شمالي حلب، وفيها كانت الوقعة الفاصلة بين الأتراك بقيادة السلطان سليم والمماليك سنة ١٥١٦ م.
انظر "أطلس تاريخ الإسلام" (ص ٣٥٩) والخريطة رقم (١٦٤).
(٥) في ب: ولما وصلت الأخبار بفتح ملطية زينت دمشق. وهو الأنسب.
(٦) في ط: رحل.
(٧) في ب: الجيوش المنصورة من الشامين والمصريين.
(٨) هو: جوبان النوين الكبير، نائب المملكة القانية، قتل سنة (٧٢٨ هـ) في المدينة المنورة ودفن بالبقيع. الدرر الكامنة (١/ ٥٤٢).
(٩) مسك معهم: الأمير طُفاي والأمير تمُر الساقي كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>