للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدولة ولا غيرهم، ولا لزاويته مرتَّب ولا وقف، وقد عرض عليه ذلك غير مرة فلم يقبل، وكان يُزار، وكان لديه علم وفضائل جمة، وكان فهمه صحيحًا، وكانت له معرفة تامة، وكان حسنَ العقيدة وطويتُه صحيحة، محبًا للحديث وآثار السلف، كثير التلاوة [والجمعية على الله ﷿] (١)، وقد صنف جزءًا فيه أخبار جَدِّه (٢)، وبلّ ثراه بوابل الرحمة آمين.

الشيخ الصالح الأديب البارع الشاعر المجيد: تقي الدين أبو محمد عبد الله بن الشيخ أحمد بن تمام بن حسان التلي (٣) ثم الصالحي الحنبلي (٤)، أخو الشيخ محمد بن تمّام، ولد سنة خمس وثلاثين وستمئة، وسمع الحديث، وصحبَ الفُضَلاء، وكان حسنَ الشَّكل والخُلُق، طيِّب النفس مليح المجاورة والمجالسة، كثيرَ المفاكهة، أقام مدَّة بالحجاز واجتمع بابن سبعين (٥) وبالتَّقي الحورانيّ، وأخذ النَّحوَ عن ابن مالك (٦) وابنه بدر الدين وصحبَه مدَّة، وقد صحبه الشّهاب محمود مدَّةَ خمسين سنة، وكان يثني عليه بالزهد والفراغ من الدنيا، توفي ليلة السبت الثالث من ربيع الآخر ودفن بالسَّفح.

وقد أورد الشيخ علَم الدين البِرْزالي في ترجمته قطعة من شعره: فمن ذلك قوله:

أَسُكَّانَ المعاهدِ من فُؤادي … لكُم في خافقٍ منه (٧) سكونُ

أكرِّرُ فيكمُ أبدًا حديثي … فيحلو والحديثُ له (٨) شجونُ

وأنظمهُ عقيقًا (٩) من دموعي … فتنثرهُ المحاجرُ والجفونُ

وأبتكرُ المعاني في هواكُم … وفيكُم كلّ قافيةٍ تهونُ

وأسألُ عنكُمُ البكَّاء (١٠) سرًّا … وسرُّ هواكمُ سرٌّ (١١) مصونُ


(١) ليست في ب. والذي فيه: يحبُّ الخلوه. وليس بجعيد.
(٢) في أ وط جيدة. وأثبتنا ما في ب وهو الصواب فقد ذكر صاحب منادمة الأطلال (ص ٣١٢) نقلًا عن العدوي في الزيادات قوله: وألف حمده الشيخ محمد بن عمر بن أبي بكر في مناقبه مؤلفًا حسنًا. انتهى.
(٣) في ط: البلي.
(٤) ترجمته في فوات الوفيات (٢/ ١٦١) والدرر الكامنة (٢/ ٢٤١ - ٢٤٣) والشذرات (٦/ ٤٨) والأعلام (٤/ ٦٨).
(٥) هو عبد الحق بن إبراهيم بن محمد الشيخ الصوفي. من القائلين بوحدة الوجود توفي سنة (٦٦٩) هـ.
(٦) هو محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك. مات سنة (٦٧٢ هـ) بغية الوعاة (١/ ١٣٠).
(٧) في فوات الوفيات (٢/ ١٦٤) في كل جارحة.
(٨) فيه: بكم.
(٩) فيه: عقودًا.
(١٠) فيه: النكباء.
(١١) فيه: عندي.

<<  <  ج: ص:  >  >>