للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي شعبانَ ورمضانَ زاد النّيل بمصرَ زيادة عظيمة، لم يُر مثلها من نحو مئة سنة أو أزيد منها ومكث على الأراضي نحو ثلاثة أشهر ونصف، وغرّق أقصابًا كثيرة، ولكن كان نفعه أعظم من ضره (١).

وفي يوم الخميس ثامنَ عشرَ شعبانَ استناب القاضي جلال الدين القزويني نائبين في الحكم، وهما: يوسف بن إبراهيم بن جملة المحجّي الصّالحي، وقد ولّي القضاء فيما بعد ذلك كما سيأتي، ومحمد بن علي بن إبراهيم المصري، وحكما يومئذ بالعادلية (٢).

ومن الغد جاء البريد ومعه تقليد قضاء حلب للشيخ كمال الدين بن الزَّمْلكاني، فاستدعاه نائب السلطنة وفاوضه في ذلك فامتنع، فراجعه النائب ثم راجع السلطان فجاء البريد في ثانيْ عشرَ رمضانَ بإمضاء الولاية فشرع للتأَهُّب لبلاد حلب، وتمادى في ذلك حتى كان خروجه إليها في بكرة يوم الخميس رابعَ عشرَ شوال (٣)، ودخل حلب يوم الثلاثاء سادس عِشْري شوال فأُكرم إكرامًا زائدًا، ودرَّس بها وألقى علومًا أكبر من تلك البلاد، وحصل لهم الشرف بفنونه وفوائده، وحصل لأهل الشام الأسف على دروسه الأنيقة الفائقة، وما أحسن ما قال الشاعر، وهو شمس الدين محمد الخياط (٤) في قصيدة له مطوَّلة، أولها قوله:

أسِفتْ لِفَقْدِكَ جِلَّقُ الفيحاءُ … وتباشَرَتْ لِقُدُومِكَ (٥) الشهباءُ

وفي ثانيْ عشرَ رمضانَ عزل أمين الملك عن وزارة مصر وأضيفت الوزارة إلى الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي، أستاذ دار السلطان (٦).

وفي أواخر رمضان طلب الصاحب شمس الدين غبريال إلى القاهرة فولّي بها نظر الدواوين عوضًا عن كريم الدين الصّغير (٧)، وقدم كريم الدين المذكور إلى دمشق في شوال، فنزل بدار العدل من القصّاعين. وولي سيف الدين قديدار (٨) ولاية مصرَ، وهو شهم سفاك للدماء، فأراق الخمور وأحرق الحشيشة وأمسك


(١) النجوم الزاهرة (٩/ ٢٦١).
(٢) ليست في ط. وفي ب زيادة: وحضر الناس عندهما في مجلس الحكم وهنؤوهما بذلك.
(٣) في ب: فودّعه الناس وتأسّفُوا عليه.
(٤) في ط: الحناط. وهو تحريف، وهو محمد بن يوسف بن عبد الله الدمشقي الحنفي، شمس الدين الخياط الشاعر المشهور. مات سنة (٧٥٦ هـ). مترجم في الذيل للحسيني (ص ٣٠٦).
(٥) في ط: بقدومك.
(٦) الدرر الكامنة (٤/ ٣٥٤).
(٧) هو اكرم بن خطيرة القبطي كريم الدين الصغير، وتسمى لما أسلم عبد الكريم، وهو ابن أخت عبد الكريم الكبير، كان ظالمًا متعسفًا، أغرق في البحر سنة (٧٢٦ هـ) الدرر (١/ ٤٠٠).
(٨) في أ: فديدار وفي النجوم (٩/ ٢٨٣): قدارار.

<<  <  ج: ص:  >  >>