للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب البلد بعد العصر (١)، فقال له الناس: إن لنا أموالًا وعبيدًا ظاهر البلد وقد أَغْلقت الباب قبل وقته. ففتحه، فخرج الناس في زحمة عظيمة، فقُتل منهم نحو عَشَرةٍ، ونُهبت عمائم وثياب وغير ذلك، وكان ذلك ليلة الجمعة، فلمّا أصبح الناس ذهبوا إلى دار الوالي فأحرقوها وثلاث دور لبعض الظَّلمة، وجرت أحوالٌ صعبة، ونهب أماكن (٢)، وكسرت العامة بابَ سجن الوالي فخرج منه من فيه، فبلغ نائب السَّلطنة (٣) فاعتقد النائب أنَّه السِّجنُ الذي فيه الأمراء، فأمر بوضع السيف في البلد وتخريبه، ثم إنَّ الخبر بلغ السُّلطان فأرسل الوزير مُغْلَطَاي (٤) الجمالي سريعًا فضرب وصادر، وضرب القاضي ونائبَه وعزلَهُم، وأهان خلقًا من الأكابر وصادرهم بأموال كثيرة جدًّا، وعزل المتولِّي ثم أُعيد، ثم تولّى القضاء بها (٥) علم الدين الأَخْنائي (٦) الشافعي الذي تولَّى دمشقَ فيما بعدُ، وعزل قضاة الإسكندرية المالكي ونائباه، ووضعت السَّلاسل في أعناقهم وأهينوا، وضرب ابن التّنيسي (٧) غير مرة (٨).

وفي يوم السبت عشري شعبان وصل إلى دمشقَ قاضي قضاة حلبَ كمال الدين (٩) بنُ الزَّمْلَكاني على البريد فأقام بدمشقَ أربعةَ أيام ثم سار إلى مصرَ ليتولى قضاء قضاة الشام بحضرة السُّلطان، فاتَّفق موتُه قبل وصوله إلى القاهرة (١٠): ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ﴾ [سبأ: ٥٤].

وفي يوم الجمعة سادس عشري شعبان باشر صدر الدين المالكي (١١) مشيخة الشيوخ مضافًا إلى قضاء قضاة المالكية، وحضَر الناس عنده، وقُرئ تقليده بذلك بعد انفصال الزُّرعي عنها إلى مصر.


(١) في ب: قبل وقته.
(٢) في ط: أموال.
(٣) أَرْغون.
(٤) في أ: طبنغا وفي ط: طيبغا. وهو توهم، والصواب ما أثبتنا من ب وهو كذلك في الدرر الكامنة (٤/ ٣٥٤) والدليل الشافي (٢/ ٧٣٨) وهو مغلطاي بن عبد الله الجمالي المعروف بخزر، مات عائدًا من الحجاز سنة (٧٣٢ هـ).
(٥) في ط: بهاء الدين، وهو توهم.
(٦) وهو: محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران بن رحمة الأخنائي السعدي الشافعي علم الدين، مات سنة (٧٣٢ هـ).
(٧) في ط: السني، والتنيسي هو نائب القاضي.
(٨) الذيل (ص ١٥٠ - ١٥١).
(٩) ليست في ط.
(١٠) مات ببلبيس كما في الذيل (ص ١٥١) والدرر الكامنة (٤/ ٧٥).
(١١) هو: سليمان بن عبد الحليم الغُمَاري. وقيل ابن عبد الحكيم. الدرر الكامنة (٢/ ٢٤٨) الوفيات لابن رافع (٢/ ٧٨). مات سنة (٧٤٩ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>