للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الإخبار بمقتل عَمّار (١). وأما ذِكر الخوارج الذين قتلهم عليُّ بن أبي طالب ، وصفتِهم، ونعتِ ذي الثُّديَّة منهم (٢) فالأحاديث الواردة في ذلك كثيرة جدًّا، وقد حررنا ذلك فيما سلف، وللَّه الحمد والمنّة. وذكرنا عند مقتل على الحديثَ الوارد في ذلك بطرقه، وألفاظه.

وتقدّم الحديث الذي رواه أحمدُ، وأبو داود، والنسائي، والترمذيّ، وحسّنه، من طريق سعيد بن جُمْهَان؛ عن سَفِينَة: أنّ رسول اللَّه قال: "الخلافة بعدي ثَلاثونَ سنة، ثم تكون مُلْكًا" (٣)، وقد اشتملت هذه الثلاثون سنة على خلافة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان الشهيد، وعلي بن أبي طالب الشهيد أيضًا، وكان ختامها وتمامها بِسِتَّةِ أشهر التي وَلِيهَا الحسنُ بن علي بعد أبيه، وعند تمام الثلاثين نزل عن الإمرة لمعاوية بن أبي سفيان سنة أربعين، وأصْفَقت البيعة لمعاوية بن أبي سفيان، وسُمي ذلك عامَ الجماعة، وقد بسطنا ذلك فيما تقدم (٤).

وروى البخاري عن أبي بكرة أنه سمع رسول اللَّه يقول والحسنُ بنُ عليّ إلى جانبه على المنبر: "إن ابني هذا سيِّدٌ وسيُصلح اللَّهُ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" (٥) وهكذا وقع سواء. وثبت في "الصحيحين" عن أم حَرَام بنت مِلْحَانَ، ذكره غَزْو أُمَّته في البحر مرَّتَين، وكون أم حَرَام مع الأولين، وقد كان ذلك في سنة سبع وعشرين، مع معاوية حين استأذن عثمانَ في غزو قبرص، فأذِنَ له فركب مع المسلمين في المركب حتى وصلها، وفتحها قَسْرًا، وتُوفِّيت أمّ حَرَام في هذه الغزوة في البحر، وكانت أم حرام مع زوجها عبادة بن الصامت (٦) وكان مع معاوية في هذه الغزوة زوجته فَاختَةُ بنت قَرظَة، وأما الثانية فكانت في سنة ثنتين وخمسين في أيام مُلك معاوية، بعث ابنه يزيدَ بن معاوية، ومعه الجنود إلى غزو القسطنطينية، ومعه في الجيش جماعةٌ من سادات الصحابة، منهم أبو أيُّوب الأنصاريّ، خالد بن زيد فمات هنالك، وأوصى إلى يَزيد بن معاوية أن يدفنه تحت سنابك الخيل، وأن يُوغل به إلى أقصى ما يُمكن أن ينتهى به إلى نحو جهة العدُوّ، ففعل ذلك، وتفرّد البخاري بما رواه من طريق ثور بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عُمير بن


(١) رواه البخاري (٤٤٧) ومسلم (٢٩١٥) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) رواه البخاري (٣٦١٠) ومسلم (١٠٦٤).
(٣) رواه أحمد في المسند (٥/ ٢٢٠ - ٢٢١) وأبو داود رقم (٤٦٤٦) والنسائي في "الكبرى" (٨١٥٥) والترمذي رقم (٢٢٢٦) وهو حديث حسن.
(٤) يعني عند كلام المؤلف على أحداث سنة أربعين من قسم التأريخ من كتابه، وقد أطلق المؤلف على الكتاب اسم "البداية والنهاية" لأنه تحدث في أوله عن بدء الخليقة وفي آخره عن نهاية الخليقة، وأرَّخ بينهما للأحداث من السنة الأولى للهجرة وإلى أواخر حياته .
(٥) رواه البخاري رقم (٢٧٠٤).
(٦) رواه البخاري رقم (٢٧٨٨) ومسلم رقم (١٩١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>