للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ هُو في جَشَرِه (١)، ومِنا من ينْتَضِلُ، إذ نادى مُنادي رسول اللَّه : الصلاةُ جامعةٌ، قال: فانتهيتُ إليه وهو يخطبُ الناس، ويقول: "أيُّها الناسُ، إنّه لَمْ يَكُنْ نبِيٌّ قبْلِي إلّا كَانَ حَقًّا عليْهِ أَنْ يَدُلّ أُمَّتَه على مَا يَعْلَمُه خَيْرًا لهُمْ، ويُنْذِرهُمْ ما يَعْلمُه شَرًّا لَهُمْ، ألا وإنّ عَافيةَ هذه الأمّةِ في أَوّلِهَا، وسَيُصيبُ آخِرهَا بَلاءٌ وفِتَنٌ، يرقِّق بعضها بعضًا، تجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مُهْلِكَتي، ثم تنكشف، ثم تجيء فيقول: هذه، هذه، ثم تجيء فيقول: هذه، هذه، ثم تنكشف، فمن أحبّ أن يُزَحْزَحَ عن النار ويُدْخَلَ الجَنةَ فلتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وهو يُؤْمنُ باللَّهِ واليَومِ الآخرِ، ويأتي إلى الَّناسِ ما يُحِبّ أَنْ يُؤتى إلَيْه، ومَنْ بايع إمامًا فأَعطْاهُ صَفْقَةَ يَدِه وثَمرةَ قَلْبِهِ فليطِعْهُ إن اسْتَطَاع" وقال مَرّةً: "ما اسْتَطاعَ".

قال عبد الرحمن: فلمّا سَمعتُها أدْخَلْتُ رَأسي بَيْن رَجُلَيْنِ، قلت: فإنّ ابنَ عَمِّكَ معاويةَ يأمُرنا أن نأْكلَ أمْوالنَا بَيْنَنا بِالباطِلِ، وأنْ نَقْتُلَ أَنْفسَنا، وقد قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ. . . وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية [النساء: ٢٩]. قال: فجمع يديه، فوضعهما على جبهته، ثم نَكَس هُنَيْهةً ثم رفَع رأسَه، فقال: أطِعْهُ في طَاعِةِ اللَّهِ واعْصِهِ في مَعْصِيَةِ اللَّه، قلت له: أنتَ سمعت هذا من رسول اللَّه ؟ قال: نعم، سمعتْهُ أُذُنايَ، ووعاهُ قَلْبي. ورواه مسلم وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث الأعمش، به، وأخرجه مسلم أيضًا، من حديث الشعبي، عن عبد الرحمن بن عبد ربّ الكعبة، عن عبد اللَّه بن عمرو بنحوه (٢).

وقال أحمد: حدثنا ابن نُمير، حدّثنا الحسن بن عمرو، عن أبي الزُّبير، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: سمعت رسول اللَّه يقول: "إذا رأيتم أمّتي تَهَابُ الظالمَ أَنْ تَقُولَ لَهُ: إنّك لَظَالِمٌ، فَقَدْ تُوُدِّعَ منْهُمْ" وقال رسول اللَّه : "يكون في أمتي قذف وخسف ومسخ" (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا أبو قبيل، قال: كنا عند عبد اللَّه بن عمرو، وسُئل: أيُّ المَدينَتين تُفْتَحُ أوّلًا، القُسْطنْطِينيَّة أو رُومية؟ قال: فدعا عبدُ اللَّه بصندوقٍ له حِلَق، قال: فأخْرَج منْهُ كتابًا، قال: فقال عبد اللَّه: بيْنما نحنُ حَوْلَ رَسُول اللَّه نكتبُ، إذ سئل رسول اللَّه : أيُّ المدِينَتَيْن تفتح أولًا: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول اللَّه : "مدينةُ هِرقْلَ تُفْتَحُ أوّلًا" يعني القسطنطينينة (٤).


(١) الجَشَر: الدواب التي ترعى وتبيت مكانها.
(٢) رواه أحمد في المسند (٢/ ١٩١ و ١٦١) ومسلم رقم (١٨٤٤) وأبو داود رقم (٤٢٤٨) والنسائي (٧/ ١٥٢ - ١٥٣) وابن ماجه (٣٩٥٦).
(٣) رواه أحمد في المسند (٢/ ١٦٣) وإسناده ضعيف، والحديث الثاني منهما، حسن.
(٤) أحمد في المسند (٢/ ١٧٦) وهو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>