للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باطلًا، وأرى عرشًا على الماء، فقال: أتشهد أني رسول اللَّه؟ " قال: أتشهد أنت أنِّي رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه : "آمنت باللَّه، ورسله" فلبّس عليه. فقال رسول اللَّه : "يا ابن صياد إنا قد خَبَأنا لك خبيئًا، فما هو؟ "قال: الدخّ، الدخّ، فقال له رسول اللَّه : "اخْسأْ، اخْسَأْ" فقال عمر بن الخطاب : ائذَنْ لي فأقتله يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه : "إنْ يكنْ هُوَ، فلستَ بصاحبه، إنّما صاحبُه عِيسَى ابنُ مَرْيَم، وإن لا يكنْ هُوَ، فليس لك أن تَقْتُلَ رَجُلًا من أهْلِ العَهْدِ" قال، يعني جابرًا: فلم يزل رسول اللَّه مُشْفِقًا أنه الدَّجال. وهذا سياق غريب جدًا (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس، حدثنا المعتمر، عن أبيه، عن سُلَيمان الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: بينما نحن مع رسول اللَّه نمشي إذ مرّ بصِبْيانٍ يلعبون، فيهم ابنُ صَيّاد، فقال رسول اللَّه : "تربت يداك. أتشهدُ أني رسولُ اللَّه؟ " فقال هو: أتشهد أني رسول اللَّه؟ قال: فقال عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه: دَعْنِي فلأضربْ عنقه، قال: فقال رسول اللَّه : "إن يكن الذي تخافُ فلن تَسْتطيعه" (٢).

والأحاديث الواردة في ابن صيّاد كثيرة، وفي بعضها التوقف في أمره، هل هو الدجّال أم لا، فاللَّه أعلم؟ ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يوحى إلى النبيّ في أمر الدجال، وتعيينه، وقد تقدّم حديثُ تميم الداريّ في ذلك، وهو فاصل في هذا المقام، وسنورد من الأحاديث ما يدل على أن الدجال ليس بابن صيّاد، واللَّه أعلم، وأحكم.

فقال البخاري: حدثنا يحيى بن بُكَيْر، حدثنا الليث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن عبد اللَّه بنِ عمر، أن رسول اللَّه قال: بينما أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدمُ سَبْطُ الشعر، ينطفُ أو يُهرَاقُ رأسه ماءً، قلت: من هذا؟ قالوا: ابنُ مريم، ثم ذهبتُ ألتفتُ، فإذا رجل جَسيمٌ أحَمْرُ، جَعْدُ الرأس، أعْوَرُ العَيْن، كان عينه عِنَبةٌ طَافِيَةٌ، قالوا: هذا الدجّال، أقرب الناس به شبهًا ابنُ قَطَن رجل من خُزاعَةَ" (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سابق، حدثنا إبراهيم بن طَهْمَانَ، عن أبي الزبير، عن جابر ابن عبد اللَّه، أنه قال: قال رسول اللَّه : "يخرُج الدجّال في خِفَّةٍ (٤) من الدِّين وإدبار من العلم، فله أربعون ليلةً يسيحها في الأرض، اليومُ منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم


(١) رواه أحمد في المسند (٣/ ٣٦٨).
(٢) رواه أحمد في المسند (١/ ٤٥٧) وهو حديث صحيح.
(٣) رواه البخاري رقم (٧١٢٨).
(٤) كذا في أصول الكتاب: "في خِفَّة" وفي المسند: في "خَفْقَة" وهو الصواب. قال ابن الأثير في "النهاية" (٢/ ٥٦): "أي في حالِ ضعف من الدِّين وقلَّة أهله".

<<  <  ج: ص:  >  >>