للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي رافع، عن أبي زُرْعة السَّيْبانيّ (١) يحيى بن أبي عمرو، عن أبي أمامَةَ الباهليّ، قال: خطبنا رسول اللَّه ، فكان أكثرُ خطبته حديثًا حَدَّثنَاهُ عن الدجّال، وحذّرنَاه، فكان من قوله أنْ قَال: "إنّه لم تكن فِتْنَةٌ في الأرض منذ ذَرأ اللَّه ذُرّية آدم أعظمَ من فتنة الدجّال، وإن اللَّه لم يبعث نبيًّا إلا حَذَّر [أمته] من الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأُمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإنْ يخرج، وأنا بين ظَهْرَانَيكم، فأنا حجيج لكلّ مسلم، وإن يخرج من بعدي فكلٌّ حجيجُ نَفْسه، واللَّه خليفتي على كلّ مسلم، وإنه يخرج من خَلَّة بين الشام والعراق، فَيعيثُ يمينًا، ويعيثُ شِمالًا. يا عباد اللَّه أيّها الناس فاثبتوا، وإني سأصفه لكم صفةً لم يصفها إيّاه نبيّ قبلي، إثه يبدأ فيقول: أنا نبيٌّ، ولا نبي بعدي، ثم يُثني فيقول: أنا ربُّكم الأعلى، ولا ترونَ ربَّكُمْ حتى تَمُوتوا، وإنه أعور، وإن رَبّكم ﷿ ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، وإن من فتنته أنّ معه جَنّةً ونارًا، فنارُه جَنّة، وجنّتُه نار، فمن ابتليَ بناره، فليستغث باللَّه، وليقرأ فواتح سورة الكهف، فتكونَ عليه بردًا وسلامًا كما كانت النارُ على إبراهيم، وإن من فتنته أن يقول لأعرابي: أرأيت إن بعثتُ لك أباك وأُمك؟ أتشهدُ أني ربّك؟ فيقول: نعم، فيتَمَثّلُ له شيطانان في صورة أبيه، وأمّه، فيقولان: يا بُني اتّبعه، فإنّه رَبُّك، وإنّ من فتنته أن يُسَلَّط على نَفْس واحدَة فيقتُلهَا، ويَنشُرَها بالمنشار، حتى تُلقى شِقَّتينِ، ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا، فإنّي أبعثُهُ الآن، ثم يزعُم أنّ له رَبًّا غَيْري، فيبعَثه اللَّه، فيقول له الخبيثُ: من ربّك؟ فيقول: ربي اللَّه، وأنت عدو اللَّه، أنت الدجال، واللَّه ما كنتُ بعدُ أشدّ بصيرة بك مني اليوم. وقال أبو الحسن [الطنافسيّ] يعني علي بن محمد: فحدثنا المحاربي، حدثنا عبيد اللَّه بن الوليد الوصّافيّ (٢) عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه : "ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة". قال: قال أبو سعيد: واللَّه ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب، حتى مضى لسبيله. قال المحاربي: ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع، قال: "وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تُنبت، فتُنبت، وإنّ من فتنته أن يَمُرّ بالحي فيكذّبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلّا هلكت، وإنّ من فتنته أن يمرّ بالحي فيصدّقونه فيأمرُ السماءَ أن تُمطر فتُمطر، ويأمُرُ الأرض أن تُنْبِت فتُنْبِتَ، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمنَ ما كانت، وأعظمه، وأمدّه خَواصر وأدرّه ضُروعًا، وإنه لا يَبْقَى شيء من الأرض إلّا وَطِئَه، وظهر عليه، إلّا مكة، والمدينة، فإنّه لا يأتيهما من نَقْبٍ من نِقَابِهمَا إلّا لَقِيته الملائكة بالسيوف صَلْتةً حتى ينزل عند الظُّرَيْبِ الأحمرِ، عند منقطع السَّبَخَة، فتَرجُف المدينة بأهلها، ثلاثَ رَجَفاتٍ، فلا يبقى مُنافق، ولا مُنافقة إلّا خرج إليه، فتَنْفِي الخَبَث منها، كما يَنْفِي الكيرُ خبَثَ الحديد، ويُدْعَى ذَلِكَ اليومُ يومَ الخلاصِ" فقالت أم شَرِيك بنتُ أبي العَكَر:


(١) في الأصل: الشيباني، وهو خطأ.
(٢) في الأصول: "الرصافي" وهو خطأ. والتصحيح من "سنن ابن ماجه" وانظر "خلاصة تذهيب تهذيب الكمال" للخزرجي (٢/ ٢٠٠) بتحقيق الشيخ محمود عبد الوهاب فايد.

<<  <  ج: ص:  >  >>