للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسول اللَّه، فأين العربُ يومئذٍ؟ قال:، هم يومئذ قليلٌ وجُلّهم ببيت المقدس، وإمامُهم رجل صالح، فبينما إمامُهم قد تقدّمَ يصلّي بهم الصُّبْحَ، إذ نزل عليهم عيسى ابنُ مريم، فيرجع ذلك الإمام فيمشي القهقرى، ليتقدم بهم عيسى يُصلّي، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم، فصلّ، فإنَّها لك أُقيمت، فيُصلّي بهم إمامُهم، فإذا انصرف، قال عيسى : أقيموا الباب، فيفتح ووراءه الدجّال، معه سبعون ألف يهوديّ، كلّهم ذو سيف مُحَلّى وتاجٍ، فإذا نظر إليه الدجّال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هاربًا، ويقول عيسى : إن لي فيك ضربةً لن تَسْبقني بها، فيُدركه عند باب اللُّدّ الشرقيّ، فيقتله، فيَهْزم اللَّه اليهودَ، فلا يبقى شيء ممّا خَلَق اللَّه يتوارَى به يهودي إلّا أنطق اللَّه ذلك الشيء، لا حَجَر، ولا شَجَر، ولا حائط، ولا دَابّة -إلا الغَرْقدةَ، فإنها من شَجَرِهم لَا تَنْطِق- إلّا قال: يا عبد اللَّه المسلمَ، هذا يهوديّ، فتعال اقتلْهُ". قال رسول اللَّه : "وإنّ أيّامه أربعون سنةً، السنةُ كنصف السنة، والسنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وآخِرُ أيامه كالشَّرَرة، يُصْبحُ أحَدُكم على باب المدينة، فلا يبلغ بابها الآخر حتى يُمْسِي، قيل له: يا رسول اللَّه، كيف نُصلّي في تلك الأيام القِصَار؟ قال: تَقْدُرُون فيها الصلاة، كما تَقْدُرونها في هذه الأيّام الطوال، ثم صَلُّوا" قال رسول اللَّه : "فيكون عيسى ابنُ مريمَ في أمّتي حَكَمًا عَدْلًا، وإمامًا مُقْسطًا، يدقّ الصليبَ، ويذبَحُ الخِنْزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يُسعَى على شاة، ولا بعير، وتُرْفَعُ الشَّحْناء والتباغُض، وتُنْزعُ حُمَةُ كلّ ذي حُمَةٍ (١)، حتى يُدْخِلَ الوليدُ يدَه في في الحَيّة، فلا تضرّه، ويُنفِر الوليدُ الأسدَ، فلَا يضرّه، ويكون الذئبُ في الغَنم كأنّه كَلْبُها، وتُملأ الأرض من السِّلْمِ، كما يُمْلأُ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدةً، فلا يُعْبد إلا اللَّه، وتضع الحرب أوزارها، وتُسلَبُ قُريشٌ ملكَها، وتكون الأرض كفاثور (٢) الفِضَّة، تُنبت نبَاتهَا كعَهْد آدم، حتى يجتمع النَّفَرُ على القِطْفِ من العنب، فيُشبِعهُمْ، ويجتمع النَّفَرُ على الرُّمانة فتُشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدّريهمات". قيل: يا رسول اللَّه، وما يُرْخِص الفرس؟ قال: "لا يركب لحرب أبدًا". قيل له: فما يُغْلي الثور؟ قال: "تحرث الأرض كلّها. وإنّ قبل خروج الدجّال ثلاثَ سنوات شِدادٍ، يُصيب النَّاسَ فيها جوعٌ شديد، يأمر اللَّه السماء في السنة الأولى أن تَحْبِسَ ثُلُثَ مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثُلُثَ نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية، فتحبس ثُلُثَيْ مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثُلُثَيْ نباتها، ثم يأْمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كلّه، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كلّه، فلا تُنْبِت خضراء، فلا تبقى ذاتُ ظِلْفٍ إلّا هلكت، إلّا ما شاء اللَّه" فقيل: ما يُعِيشُ النَّاسَ في ذلك الزمان؟ قال: "التهليلُ، والتكبيرُ، والتسبيحُ، والتحميدُ، ويُجرى ذلك عليهم مُجْرَى الطعام".


(١) أي السم.
(٢) الفاثور: الخِوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>