للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمشق (١) وفي غيرِ روايةِ مسلمٍ: أنَّه ينزِلُ على المنارةِ البيضاءِ الشرقيَّةِ بدمشقَ. وهذا أشبهُ، فإنَّ في سياق الحديث: "فَيَنْزِلُ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ لِلصُّبْحِ، فَيَقُولُ لَهُ إِمَامُ المُسْلِمِينَ: تَقَدَّم يَا رُوحَ اللَّه. فَيَقُولُ: لَا، إِنَّهَا إِنَّما أُقِيمتْ لَكَ" (٢) ففيه من الدلالة الظاهرة أنَّه ينزِلُ على منارة المعبدِ الأعظمِ الذي يكون فيه إمام المسلمين إذ ذاك، وإمامُ المسلمين يومئذٍ هو المهديُّ فيما قيل، وهو جامعُ دمشقَ الأكبرُ، واللَّهُ أعلمُ.

وقد تقدَّم في حديثِ أبي أُمامةَ أنَّه ينزِلُ في غيرِ دمشقَ، وليس ذلك بمحفوظٍ.

وكذا الحديثُ الذي ساقَه ابنُ عساكرَ في "تاريخِه" من طريقِ محمدِ بن عائذٍ، ثنا الوليدُ، ثنا مَن سمِع عبدَ الرحمن بن ربيعة، يُحدِّثُ عن عبد الرحمن بن أيُّوبَ بنِ نافع بن كَيْسانَ، عن أبيه، عن جدِّه نافعِ بن كَيْسانَ صاحب رسول اللَّه قال: قال رسول اللَّه : "يَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عِنْدَ بَابِ دِمَشْقَ -قال نافعٌ: ولا أدري أيَّ بابِهَا يريدُ- عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءَ، لِسِتِّ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فِي ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ، كَأَنَّمَا يَتَحَدَّرُ مِنْ رَأْسِهِ اللُّؤْلُؤُ". ففيه مُبهَمٌ لم يُسَمَّ، وهو منكرٌ؛ إذ هو مخالفٌ لما ثبت في الصحاح من أن نزوله وقتَ السَّحَرِ عند إضاءةِ الفجرِ وقد أُقيمتِ الصلاةُ، واللَّهُ أعلمُ.

قال مسلم: حدّثنا عُبَيْدُ اللَّه بن مُعاذ العَنْبريّ، حدثنا أبي، حدّثنا شُعبَةُ عن النعمان بن سالم، سمعتُ يعقوب بن عاصم بن عُرْوَة بن مسعود الثقفي يقول: سمعت عبد اللَّه بن عمرو، وجاء رجلٌ فقال: ما هذا الحديث الذي تُحَدّث به؟ تقول: إنّ الساعة تقوم إلى كذا وكذا؟ فقال: سبحان اللَّه! أو: لا إله إلّا اللَّه، أو كلمةً نحوهما، لقد هَممتُ ألّا أحَدِّثَ أحَدًا شيئًا أبدًا، إنما قلت: إنَّكم سَتَرْوَن بَعْدَ قليل أمرًا عَظِيمًا، يُحرَّقَ البَيْتُ، ويكون، ويكون، ثم قال: قال رسول اللَّه : "يخرُج الدجّال في أمتي، فيمكثُ أربعين -لا أدري أربعين يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين عامًا- فيَبْعثُ اللَّه تعالى عيسى ابن مَريم كأنّه عُرْوَة بنُ مَسْعُود، فيَطْلبه فيُهْلكُه، ثم يمكث الناسُ سبع سنين، ليس بين اثنين عَداوة، ثم يُرسل اللَّه ريحًا باردة من قِبَل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقالُ ذرّة من خير، أو إيمان، إلا قَبضَتْهُ، حتى لو أنّ أحدكم دخل في كَبِد جَبلٍ لدخلتْه عليه، حتى تَقْبِضَه، قال: سَمِعْتُها من رسول اللَّه ، قال: "فيبقى شِرار الناس في خِفّةِ الطير، وأحلام السِّباع لا يعرفون معروفًا، ولا يُنكرونُ منكرًا، فيتمثّل لَهُمُ الشيطانُ فيقول: ألا تَستجيبُون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دارٌّ رزْقُهُم، حَسَنٌ عَيشهُم، ثم يُنْفَخُ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا


(١) رواه مسلم (٢٩٣٧).
(٢) رواه أحمد في المسند (٣/ ٣٦٧ - ٣٦٨) من حديث جابر، ورواه أحمد أيضًا (٤/ ٢١٦ - ٢١٧) من حديث عثمان بن أبي العاص، وابن ماجه (٤٠٧٧) من حديث أبي أمامة، وهو حديث حسن بطرقه وشواهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>