للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة: "وإنه نازلٌ، فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجلٌ مَربُوعٌ، إلى الحُمْرةِ والبياض، عليه ثوبان مُمَصَّران، كأنّ رأسه يَقْطُر، وإِنْ لم يُصِبْهُ بَلَلٌ، فيدقُّ الصليبَ، ويقْتُلُ الخِنْزيرَ، ويضعُ الجِزْيةَ، ويدْعُو النَّاسَ إلى الإسلام، ويُهلِكُ اللَّهُ تعالى في زمانه المِلَلَ كُلَّها إلّا الإسْلامَ، ويُهْلكُ اللَّهُ في زمانه المسيحَ الدجَّال، ثم تَقَعُ الأَمَنَةُ على الأرض، حتّى تَرتَع الأسودُ مع الإبل، والنِّمار مع البَقَر، والذِّئابُ مع الغَنَم، وَيلعَبُ الصبيانُ بالحَيّاتِ، لَا تضرّهم، فَيمكثُ أربعِينَ سَنَة. ثم يُتوفى، ويُصلِّي عليهِ المُسلِمون". رواه أحمد، وأبو داود (١). وهكذا وقع في هذا الحديث أنه يمْكثُ في الأرض أربعين سنةً.

وثبت في "صحيح مسلم" عن عبد اللَّه بن عمرو أنه يمكث في الأرض سَبْعَ سنين (٢). فهذا مع هذا مُشكِلٌ، اللهمّ إلا أن تُحملَ هذه السبْعُ على مُدَّةِ إقامته بعد نزوله، ويكون ذلك محمولًا على مُكْثه فيها قبلَ رَفْعِه، مضافًا إليه، وكان عمره قبل رفعه ثلاثًا وثَلاثينَ سَنَةً على المشهور، وهذه السبع تكملة الأربعين، فيكون هذا مدة مقامه في الأرض قبل رفعه وبعد نزوله، وأما مقامه في السماء فبل نزوله فهو مدة طويلة، واللَّه أعلم.

وقد ثبت في الصحيح أن يأجوجَ ومأجوجَ، يخرجون في زمانه ويُهلكهم اللَّه ببَركه دُعائِه في ليْلةٍ واحدةٍ كما تقدّم، وكما سيأتي، وثبت أنه يَحُجّ في مُدّة إقامته في الأرض، بعد نزوله.

وقال محمد بن كعب القُرَظيّ: في الكتب المُنزَلةِ أنّ أصحاب الكهف يكونون في حَوارِيِّهِ، وأنهم يَحجّون معه، ذكره القرطبيّ في الملاحم، من آخر كتابه "التذكرة، في أحوال الآخرة"، وتكُون وفاته بالمدينة النبوية، فيُصلَّى عليه هنالك، ويُدفن بالحُجْرة النبوية.

وقد ذكر ذلك الحافظُ أبو القاسم ابنُ عساكر. ورواه أبو عيسى الترمذيّ في "جامعه"، عن عبد اللَّه ابن سَلَام، فقال في كتاب المناقب: حدثنا زيد بن أخزم الطائيّ البصريّ، حدّثنا أبو قُتَيْبَة سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حدّثنا أبو مودود المدنيّ، حدّثنا عُثمانُ بن الضحّاك، عن محمد بن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام، عن أبيه، عن جدّه، قال: مكتوب في التوراة صفةُ محمد، وعيسى ابن مريم يُدفن معه. قال: فقال أبو مودود: وقد بقي في البيت موضع قبرٍ. ثم قال: هذا حديث حسن غريب، هكذا قال: عثمان بن الضحاك، والمعروف: الضحّاك بن عثمان المدني. انتهى ما ذكره الترمذي (٣).

وروى الطبراني من حديث عبد اللَّه بن نافع، عن عثمان بن الضحاك، عن محمد بن يوسف بن


(١) رواه أحمد في المسند (٢/ ٤٠٦) وأبو داود رقم (٤٣٢٤) وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
(٢) رواه مسلم رقم (٢٩٤٠).
(٣) رواه الترمذي رقم (٣٦١٧) وهو من نقل عبد اللَّه بن سلام عن التوراة، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>