للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَشْربُونَ مِياه الأرْضِ، حتّى إن بَعْضَهُم لَيَمُرّ بالنّهْرِ، فيَشْرَبُون مَا فيه، حتى يتركوه يَبَسًا، حتى إنّ مَنْ بَعدَهُمْ لَيَمُرّ بذلك النهر، فيقول: قَدْ كَانَ هاهنا ماءٌ مَرّةً، حتّى إذَا لم يبق من الناس أحد إلّا أحدٌ في حِصْنٍ، أو مَدينةٍ، قال قائلُهم: هؤلاء أهلُ الأرض، قَدْ فَرَغنا مِنْهُم، بقي أهل السماء" قال: "ثُمَّ يَهُزّ أحدُهم حَرْبَتَهُ، ثم يَرْمِي بهَا إلى السَّماءِ، فتَرْجِعُ إلَيْهِ مُخْتَضبَة دَمًا للبَلاءِ والفتنة، فبينما هم على ذلك بعثَ اللَّهُ دُودًا في أعناقهم كنغَفِ الجراد الذي يَخْرُج في أعناقه، فيُصبحون موتَى، لا يُسْمَعُ لَهُم حِسن، فَيَقول المسلمون: ألَا رَجُلٌ يَشْرِي لَنَا نَفْسَهُ فيَنْظُرَ ما فَعَلَ هذا العدوّ؟ " قال: "فيتجرَّد رجل منهم مُحْتَسِبًا نفسه، قد أوطنها على أنه مقتولٌ، فينزل، فيجدهم موتَى بعضهم على بعض، فيُنادي: يا معشر المسلمين: ألا أبْشِرُوا، إن اللَّهَ تعالى قد كفاكم عَدُوَّكم، فيخْرُجُون مِنَ مدائِنهم، وحصُونهم، ويُسَرّحُونَ مَواشِيَهم، فما يكون لها رَعْيٌ إلَّا لحومُهم، فتشكَرُ عنه كأحسنِ ما شكَرتْ عن شيء من النباتِ أصابَتْه قَطّ". وهكذا أخرجه ابن ماجه من حديث يونس بن بُكَيْر عن محمد بن إسحاق به، وهو إسناد جيّد (١).

وفي حديث النَّوّاس بن سِمْعان، بعد ذِكر قتلِ عيسى الدجّال عند باب لُدٍّ الشرقيّ، قال: "فبينما هم كذلك، إذ أوحَى اللَّه إلى عيسى ابن مَرْيَم : إني قَدْ أخْرَجْتُ عِبادًا لي، لَا يَدانِ لأحدٍ بقِتالِهمْ، فحَرِّزْ عِبادِي إلى الطُّورِ، فيَبْعَثُ اللَّهُ يأجُوجَ وَمأجُوجَ وهم كما قال اللَّه تعالى: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ فيَرْغَبُ عيسى وأصْحابُه إلى اللَّه ﷿، فيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِم نَغَفًا في رِقابهم، فيُصْبِحُون فرْسى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، فيَهْبِطُ عِيسَى وأصحابهُ فلا يجدون في الأرض بَيْتًا إلَّا مَلأَهُ زَهَمُهم ونَتْنُهم، فيرغَبُ عِيسَى وأصحابه إلى اللَّه ﷿، فيُرسل اللَّه عليهم طَيْرًا كأعناق البُخْتِ فتَحْمِلُهم فتَطْرحُهم حيثُ شاء اللَّه تعالى" (٢).

قال كعبُ الأحبار بمكانٍ يُقالُ له: المَهْبِل عِنْد مَطْلَع الشمس. . . الحديث، إلى آخره، وقد تقدم.

كذلك حديث مُؤثرِ بن عَفَازَة عن ابن مسعود، في اجتماع الأنبياء لَيلَة الإسراء، وتذاكُرِهم أمْرَ الساعةِ، فرَدّوا أمرهم إلى عيسى. . . وذكر الحديث كما تقدم، وفي آخره: "فيَرْجِعُ النّاس إلى أوطانهم، فعند ذلك يخرُج يَأْجُوج ومأجوج وهم من كلّ حَدَبٍ يَنْسِلُون فَيَطَؤُون بِلَادهم، لا يَمرُّون على شَيْءٍ، إلَّا أهْلَكُوه، ولا يَمُرونَ على مَاءٍ إلَّا شَرِبُوه" ثم قال: "ثم يَرْجِعُ الناسُ إليّ يشكونَهُمُ، فَأَدْعُوِ اللَّهَ ﷿ عليهم فيُهلكهم، ويمِيتهُمُ حتى تَجْوَى الأرضُ منْ نتْنِ رِيحِهم، ويُنزل اللَّهُ المَطَر فَتَجْرُفُ أجْسَادَهم، حتى يَقذفهم في البحر، ففيما عهد إليَّ ربي أن ذلك إذا كان


(١) رواه أحمد (٣/ ٧٧) وابن ماجه (٤٠٧٩).
(٢) رواه مسلم (٢٩٣٧) وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>