للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يَرَوا شيئًا، فقال: "هذا جبريلُ جاء ليُعَلِّم النَّاسَ دِينَهم" أخرجاه في "الصحيحين" (١).

وعند مسلم عن عمر بن الخطاب نحو هذا بأبسط منه (٢) فقوله : "أن تلد الأمة رَبَّتها" يعني به أن الإماء يكنَ في آخر الزمان هن المشَارُ إليهن بالحِشْمةِ، تكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها مِنَ الحرائر، ولذلك قَرَن ذلك بقوله: "وأَنْ ترى الحُفَاةَ العُراةَ العَالة يتطاولون في البُنْيانِ" يعني بذلك أنّهم يكونون رؤوس الناس، قد كَثُرتْ أموالُهم، وامتدّت وجَاهتُهم، فليس لهم دَأب ولا هِمّة إلّا التطاول في البناء، وهذا كما في الحديث المتقدّم: "لا تقومُ الساعةُ حتى يكون أحظَى الناس بالدُّنيا لُكَعُ ابن لُكَع" (٣). وفي الحديث الآخر: "لا تقوم الساعة حتى يَسُودَ كلَّ قبيلة رُذَالُها" (٤) وفي الحديث الآخر: "إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" (٥) ومَنْ فَسّر هذا بكثرة السراري لكثرةِ الفُتوحات، فقد كان هذا في صدر هذه الأمة كثيرًا جِدًّا، وليس هذا بهذه الصفة من أشراط الساعة المتاخمة لوقتها، واللَّه أعلم.

وقال الحافظ أبو بكر البَيْهَقيّ في كتابه "البعث والنشور": أنبأنا أبو عبد اللَّه الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا: حدَّثنا عبد الباقي بن قانع الحافظ، حدثنا عبد الوراث بن إبراهيم العسكريّ، حدثنا سيف بن مِسكين، حدَّثنا المبارك بن فَضالة، عن الحسن، قال: قال عُتَيّ: خرجتُ في طَلب العلم، فقدمتُ الكوفة، فإذا أنا بعبد اللَّه بن مسعود، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، هل للساعة مِن عَلَم تُعرَفُ به؟ فقال: سألتُ رسولَ اللَّه عن ذلك، فقال: "إن من أشراط الساعة أن يكون الولدُ غَيْظًا والمطرُ قَيْظًا، وتَفيض الأشرار فَيْضًا، وتغيض الأخيار غيضًا، ويُصَدَّق الكاذبُ، ويكذَّب الصادق، ويُؤتَمن الخَائن، ويُخوّنُ الأمين، ويَسودُ كلَّ قبيلة مُنافقُوها، وكلّ سوق فُخارها، وتُزخْرفُ المحاريبُ، وتَخْرَبُ القُلوبُ، ويكْتفِي الرَّجالُ بالرجال، والنِّساءُ بالنِّساء، ويَخْرَبُ عُمرانُ الدُّنيا، ويَعْمُرُ خَرابُها، وتَظْهَرُ الْفِتنَةُ، وأكلُ الرِّبا، وتَظْهَرُ المَعازف، والكُبور (٦)، وشُرْب الخَمْرِ، وتكثر الشُّرَط، والغَمَّازُونَ والهمَّازون". ثم قال البَيهَقِيّ: هذا إسناد فيه ضعف، إلّا أن أكثر ألفاظه، قد رُويت بأسانيد أُخَر مُتَفَرِّقَة.


(١) رواه البخاري رقم (٤٧٧٧) ومسلم (٩).
(٢) رواه مسلم رقم (٨).
(٣) رواه أحمد في المسند (٥/ ٣٨٩) والترمذي (٢٢٠٩) وهو حديث حسن.
(٤) رواه الطبراني في الكبير (٩٧٧١) وإسناده ضعيف.
(٥) رواه البخاري رقم (٥٩) وسيأتي بعد قليل.
(٦) أي الطبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>