للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصُحُفكم تُقْرأ عليكم، فمنْ وَجَدَ خَيْرًا فليحمد اللَّه، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنّ إلّا نفسه".

وروى الإمام أحمد، من حديث عبد اللَّه بن محمد بن عَقيل، عن جابر بن عبد اللَّه: أنّه اشترى رَاحِلَةً، وسار إلى عبد اللَّه بن أُنَيْس شهرًا ليَسْمع منه حديثًا بلَغَهُ عَنْهُ، فلمّا سأله عنه، قال: سمعتُ رسول اللَّه يقول: "يُحْشَرُ الناسُ يَوْمَ القيامةِ" -أو قال: "العِبادُ- حُفاةً عُراةً غُرْلًا [بهمًا] " قلنا: وما بُهمًا؟ قال: "ليس معهم شيء، ثم يُناديهم بصوت يسمعُه منْ [بَعُد كما يسمعه] من قَرُبَ: أنا المَلِكُ، أنَا الديّانُ، لا ينبغي لأحدٍ من أهل النار أنْ يدخُل النار، وله عند أحَدٍ من أهل الْجَنّة حقّ حتّى أُقِصَّهُ مِنْهُ، ولا يَنْبغي لأحَدٍ من أهل الْجَنَّةِ أن يدخلُ الْجَنَةَ ولأحدٍ من أهل النَّار عِندهُ حقّ حَتَّى أُقصَّه منه، حتى اللطْمة" قال: قلنا: وكيف، وإنّا إنّما نأتي اللَّهَ بُهْمًا؟ قال: "بالْحَسَناتِ، والسّيئات" (١).

وفي "صحيح مسلم" عن أبي ذَرّ عن النبي في الحديث الإلهي الطويل: "يا عبادي إنّما هي أعمالكم أُحْصيها لكم ثم أوفّيكم إيّاها، فمن وجد خيرًا فليحمد اللَّه، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومنَّ إلّا نفسه" (٢).

وقد قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥)[هود: ١٠٣ - ١٠٥].

ثم ذكر سبحانه ما أعدَّه للأشقياء، وما أعدَّهُ للسُّعداء، فقال تعالى: ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨)[النبأ: ٣٧ - ٣٨].

وثبت في "الصحيحين": "ولا يتكلم يَوْمئذ إلّا الرُّسُل" (٣).

وقد عقد البخاريّ بابًا في ذلك، فقال في باب التوحيد من "صحيحه": بابُ كلام الرَّبّ يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، ثم أورد فيه حديث أنس في الشفاعة بتمامه.

[وحديث عدي: "ما منكم من أحد إلا سيكلّمه ربه. . . "] الحديث، وحديث ابن عمر في النَّجْوَى (٤).

ونحن نورد في هذه الترجمة أحاديث أُخر، مناسبةً لهذا الباب. وقد قال اللَّه تعالى:


(١) رواه أحمد في المسند (٣/ ٤٩٥) وإسناده حسن. وجملة "بَعُد كما يسمعه" ليست في نسخ المسند وهي مثبتة في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٤٥) وجامع المسانيد للمصنف (٧/ ٥٠٧٦).
(٢) رواه مسلم رقم (٢٥٧٧) (٥٥).
(٣) رواه البخاري رقم (٧٤٣٧) ومسلم (١٨٢) (٢٩٩).
(٤) البخاري (٧٥١٠) و (٧٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>