للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَذَابِ (٤٩) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [غافر:٤٩ - ٥٠]. وقال تعالى ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ [الأعلى: ١١ - ١٣]، وتقدم في الصحيح: " أما أهلُ النار الذين هم أهلها فإنّهم لا يموتُونَ فيها، ولا يَحْيَوْنَ" (١).

وفي الحديث المتقدّم في ذبح الموت بين الجَنَّةِ والنار: ثُمَّ يُنادي المنادي: "يا أهْلَ الجَنَّة خُلُود فلا مَوْتَ، ويا أهل النار خلود فلا موت" (٢). وكيف ينامُ من هو في عذابٍ مُتَوَاصلٍ لا يُفَتَّرُ (٣) عنه ساعةً واحدة، ولا لَحْظةً، بل كلّما خَبَتْ (٤) نارُهم، زادهم اللهُ سَعيراً، [وقال تعالى: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [الحج: ٢٢]].

وقال الإمامُ أحمد: حدّثنا إبراهيم، حدّثنا ابنُ المبارك، عن سعيد بن يزيد، عن أبي السَّمح، عن ابن حُجَيْرة، عن أبي هريرة، عن النبيّ قال: "إن الحميم لَيُصَبّ على رؤوسهم، فيَنفُذُ الْجُمجمةَ حتى يخْلُصَ إلى جَوْفِهِ، فيَسْلُتْ (٥) ما في جوفه حتَّى يَمرُق (٦) من قدَمَيْه" (٧).

وروى الترمذيُّ، والطبرانيّ واللفظ له، من حديث قُطْبة بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن شِمْر بن عَطِيّة، عن شَهْر بنِ حَوْشَبٍ، عن أُمِّ الدَّرْداءِ، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله : "يُلْقَى على أهْلِ النار الجوع، فيعدل ما هُمْ فيه منَ العَذابِ، فيستغيثون بالطعام، فيُؤْتَوْنَ بطعام ذي غُصَّةٍ، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا إذا غصوا يسيغونه بالشراب، فيَسْتَغيثُونَ بالشراب، فيؤتون بالْحَميم في قِلال من نار، فإذا أُدْنيتْ من وُجوههم قَشَرتْ وُجُوهَهُمْ، فإذا دَخلتْ بطونَهم قَطَّعَتْ أمعاءهم وما في بطونهم، فيستغيثون عند ذلك فيُقال لهم: ﴿قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [غافر: ٥٠]، فيقولون: ادْعُوا لنا مالكاً، فيقولون: ﴿يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ … ﴾ الآية [الزحرف: ٧٧]، فيقولون: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ [المؤمنون: ١٠٦] فيقال لهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨]. ورواه الترمذيّ


(١) رواه مسلم رقم (١٨٥).
(٢) رواه البخاري رقم (٤٧٣٠) ومسلم (٢٨٤٩) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٣) أي: لا يخفف.
(٤) أي: هدأت وضعفت.
(٥) أي: يقطعه ويستأصله.
(٦) أي: ينفذ.
(٧) رواه أحمد في المسند (٢/ ٣٧٤) وفي إسناده ضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>