للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَنَّةِ لَيَتزَاورُونَ على العيسِ الخُورِ (١)، عَلَيْها رِحال المَيْس (٢)، تُثيرُ منَاسِمُها (٣) غُبَارَ المِسْكِ، خِطامُ أوْ زِمَامُ أحدِهَا خيرٌ منَ الدُّنيا ومَا فيها (٤).

ورَوَى ابنُ أبي الدُّنيا منْ طريقِ إسماعيل بن عَيّاشٍ، عن عُمَر بن محمدٍ، عن زَيْدِ بنِ أسْلَم، [عن أبيه]، عن أبي هريرة، عن النبيّ أنّهُ سألَ جِبْريلَ عن هذه الآية: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [الزمر: ٦٨] قال: هُم الشُّهَدَاءُ يَبْعَثُهُم اللهُ مُتَقَلّدين أسْيَافهُمْ حَوْلَ عَرْشِهِ، فأتاهُمْ مَلائكَةٌ من المَحْشَرِ بِنَجَائبَ منْ يَاقُوت أزِمَّتُها الدُّرُّ الأبْيَضُ، بِرِحَال الذّهَبِ، أعِنّتُها السُّنْدُس وَالإسْتَبْرق، ونَمَارِقُها منَ الحريرِ، تَمُدُّ خُطاها مَدَّ أبْصَارِ الِّرجَالِ، يسيرُونَ في الجنّةِ على خُيُولٍ، يقُولُون عِنْدَ طُولِ النزهةِ: انْطَلِقُوا بنا ننْظُرْ كيفَ يَقْضي اللهُ بَيْنَ خَلْقِهِ، يَضْحكُ اللهُ إليهم، وإذا ضَحِكَ الله إلى عَبْدٍ فلا حِسَابَ عليه (٥).

وقال أبو بكْرِ بن أبي الدُّنيا: حدّثنا أبو مُوسى، إسْحاقُ بن إبراهيمَ الهَرَويّ، حدّثنا القاسِمُ بن يزيدَ الْمَوْصليّ، حدّثني أبو إلياسَ، حدّثني مُحمدُ بنُ عَليِّ بن الْحُسَين [ح] وَرَوى أبو نُعيم منْ حَديثِ الْمُعَافى بنِ عمران: حدّثنا إدريسُ بن سِنَانٍ، عن وَهْب بنِ مُنَبِّهٍ، عن محمد بنِ عليٍّ، قال إدريسُ: ثمَّ لَقيتُهُ، فَحدّثني، قال: قال رسولُ اللهِ : "إن في الجنّةِ شَجَرَةً يُقال لها: طُوبَى. لوْ سخَّرَ الجَوادَ الرَّاكبُ أنْ يسيرَ في ظِلِّها لَسَارَ فيه مِئةَ عامٍ، وَرَقُها بُرُودٌ خُضْرٌ، وزَهْرُها رِيَاطُ (٦) صُفْرٌ، وأقْناؤُها (٧) سُنْدُسٌ وَإسْتَبْرقٌ، وَثمرُها حُلَلٌ، وصَمْغُها زَنْجَبيلٌ وعَسَلٌ، وبَطْحَاؤُها ياقُوتٌ أحمَرُ وزُمُزُّدٌ أخْضر، وَتُرَابُها مِسْكٌ، وحَشيشُها زَعْفَرانٌ مُونِعُ (٨)، والألْنَجُوجُ (٩) يفوح منْ غير وَقُودٍ، ويتفجر منْ أصلِها السَّلْسَبيل وَالرَّحيق، وظِلُّها مَجْلسٌ منْ مَجَالس أهْل الجنَّة يَألَفُونهُ، ومُتَحدَّثٌ لِجميعِهِمْ، فبَيْنما هُمْ يَوْمًا يَتَحَدَّثونَ في ظِلِّها، إذْ جَاءَتْهُم الملائكةُ يَقُودُون نَجَائبَ منَ اليَاقُوتِ قد نُفِخَ فيهَا الروح مزمومة بسلاسِلَ منْ ذَهَبٍ، كأنّ وُجُوهَها المصابيحُ نَضَارةً وحُسْنًا، وبَرها خَزٌّ أحمرُ، ومِرْعِزَّى (١٠) أبْيضُ، مختلطان لم يَنْظرِ النَّاظِرُونَ إلى مِثْلِها، عَلَيْها رحائل ألواحها منَ الدُّرِّ والياقُوتِ، مُفَضَّضَةٌ باللُّؤلُؤ، والمَرْجانِ، صفائحها من الذهب الأحمرِ، مُلَبَّسٌ بالعَبْقريّ وَالأُرْجوانِ، فأناخُوا لهم تِلْكَ النُّجُب ثمَّ


(١) العيس الخُور: النوقِ الكثيرة الألبان، وفيه أقوال أخرى، انظرها في "التاج".
(٢) أي شجر صلب تعمل منه أكوار الإبل ورحالها، وفي الأصول: الذهب، وهو خطأ.
(٣) أي أخفافها.
(٤) أخرجه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (٢٤٧)، وإسناده ضعيف.
(٥) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (٢٤٨) وإسناده ضعيف.
(٦) جمع ريطة، وهي الملاءة. وفي الفاسية وأبي نعيم: رياض.
(٧) جمع قِنو، وهو العَذق، وهو النخلة بحملها.
(٨) في القاسية: متنوع، وفي (آ) منوع.
(٩) "الألنجوج": عود يتبخر به. "لسان العرب".
(١٠) الزغب الذي تحت شعر العنز.

<<  <  ج: ص:  >  >>