للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر النقّاش (١) في "تفسيره" أن السيل احتمل جُثَثَهم فألقاها في البحر.

قال السهيلي (٢): وكانت قصة الفيل في المحرم من (٣) سنة ست وثمانين وثمانمئة (٤) من تاريخ (٥) ذي القرنين.

قلت: وفي عامها ولد رسول الله على المشهور. وقيل: كان قبل مولده بسنين، كما سنذكر إن شاء الله تعالى، وبه الثقة.

ثم ذكر ابن إسحاق (٦) ما قالته العرب من الأشعار في هذه الكائنة العظيمة التي نَصَرَ اللهُ فيها بيتَه الحرام الذي يُريد أن يشرّفه ويعظّمه ويطهّره ويوقّره ببعثة محمد وما يشرع له من الدين القويم الذي أحد أركانه الصلاة، بل عماد دينه، وسيجعل قبلته إلى هذه الكعبة المطهّرة. ولم يكن ما فعله بأصحاب الفيل نُصْرَةً لقريش إذ ذاك على النصارى الذين هم الحبشة، فإن الحبشة إذ ذاك كانوا أقرب لها (٧) من مشركي قريش، وإنما كان النصر للبيت الحرام، وإرهاصًا وتوطئة لبعثة محمد .

فمن ذلك ما قاله عبد الله بن الزِّبَعْرَى السهمي (٨): [من الكامل]

فَتَنكّلوا عن بطنِ مكّة إنّها … كانتْ قديمًا لا يُرام حَريْمُها (٩)

لم تُخلَق الشِّعرى لياليَ حُرّمت … إذْ لا عزيزَ من الأنامِ يرومُها

سائلْ أميرَ الحُبْشِ عنها ما رأى … فلسوفَ يُنبي الجاهلينَ عَليمُها (١٠)

ستّون ألفًا لم يَؤوبوا أرضَهم … بلْ لم يعشْ بعدَ الإيابِ سَقيمُها

كانتْ بها عاد وجُرْهُم قبلَهم … واللهُ من فوقِ العبادِ يُقيمها (١١)


(١) هو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، أبو بكر، النقاش، علّامة، مفسر، شيخ القراء. له عدة كتب. ولد سنة (٢٦٦ هـ) وتوفي سنة (٣٥١ هـ). ترجمته في سير أعلام النبلاء (١٥/ ٥٧٣).
(٢) الروض الأنف (١/ ٧٢) عن تفسير النقاش.
(٣) في ط: أول المحرم وهو موافق لنص السهيلي.
(٤) في الروض الأنف: سنة اثنتين وثمانين.
(٥) زيادة من ط، توافق نص السهيلي.
(٦) السيرة (١/ ٥٧).
(٧) في ب: أقرب حالًا.
(٨) أحد شعراء الدعوة الإسلامية. توفي سنة (١٥ هـ). والأبيات في ديوانه (٤٩).
(٩) في ط، وديوان ابن الزبعرى: تنكلوا وعلى هذه الرواية يصاب البيت بالوقص.
(١٠) في الديوان، والسيرة: الجيش … ولسوف.
(١١) سقط هذا البيت من ب.