للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك قول أبي قيس بن الأسلت الأنصاري المدني (١): [من المتقارب]

ومنْ صُنعهِ يومَ فيلِ الحبُو … شِ إذْ كلّما بعثُوه رَزَم (٢)

محاجنهم تحتَ أقرابه … وقدْ شَرَموا أنفَه فانخرَم (٣)

وقد جَعلوا سوْطَه مِغْولًا … إذا يَمّموه قَفاهُ كُلم (٤)

فولّى وأَدبَرَ أدراجَه … وقدْ باءَ بالظلم من كان ثَم

فأرسل من فوقهم حاصبًا … فلفّهمُ مثلَ لفّ القُزُم (٥)

تحثّ على الصّبر أحبارُهم … وقد ثأَجوا كثُؤاجِ الغَنَمْ (٦)

ومن ذلك قول أبي الصلت ربيعة (٧) بن أبي ربيعة وهب بن علاج الثقفي. قال ابن هشام: ويروي لابنه أمية (٨) ابن أبي الصلت: [من الخفيف]

إن آياتِ ربّنا باقياتٌ … ما يُمارِي فيهنّ إلا الكَفُور (٩)

خلَق الليلَ والنهارَ فكلٌّ … مستبينٌ حسابُهُ مقدور

ثم يجلو النهارَ ربٌّ رحيم … بِمَهَاةٍ شُعاعُها مَنشورُ (١٠)

حَبسَ الفيلَ بالمغمَّس حتّى … صَارَ يحبو كأنه مَعْقُورُ (١١)

لازمًا حَلْقَة الجِرانِ كما قُطَّـ .... ـــر من ظهرِ كَبْكَبٍ مَحْدُور (١٢)


(١) أبو قيس صيفي بن عامر الأسلت شاعر جاهلي حكيم، أدرك النبي ولقيه وتريث في إعلان إسلامه، ومات قبل أن يسلم في السنة الأولى للهجرة.
والأبيات في ديوانه (٩٠) بتحقيق د. حسن محمد باجودة.
وقال ابن هشام: والقصيدة أيضًا تروى لأمية بن أبي الصلت. السيرة (١/ ٥٩).
والأبيات في ديوان أمية (٤٩٢) بتحقيق أستاذنا د. عبد الحفيظ السطلي.
(٢) رزم البعير والرجل: إذا كان لا يقدر على النهوض إعياءً أو هزالًا.
(٣) المحاجن: العصي المعوجة كالصولجان. والأقراب: مفردها قُرْب، وهو الخاصرة.
(٤) المغول: سيف دقيق غمده كالسوط. وكُلم: جُرح.
(٥) في أ، ب يلفهم وأثبت رواية ط، والديوان والسيرة، فهي أولى وأقرب للمعنى. والحاصب: ريح شديدة تحمل التراب. والقُزُم: مفردها قَزَم، وهو اللئيم الدنيء الصغير الجثة.
(٦) في ب، وط، والديوان: تحض. والثؤاج: صياح الغنم.
(٧) ليست في السيرة. وفي اسم أبي الصلت خلاف. ديوان أمية (٣٣).
(٨) في ط: ويروي لأمية: والأبيات في ديوان أمية (٣٩١) وتخريجها ثمة.
(٩) في ط، والسيرة، والديوان: ثاقبات.
(١٠) المهاة: الشمس.
(١١) المغمس: موضع في طرف الحرم. والعقر: أن تقطع إحدى قوائم البعير قبل نحره كيلا يشرد عند النحر.
(١٢) في ط: قد من صخر. والجِران: باطن العنق. وقُطّر: ألقي من علو على قطره، أي جانبه. وكبكب: جبل بمكة خلف عرفات.