للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَيس أحد بني فِراس بن غَنْم بن مالك بن كنانة، ويُعرف عمير بن قيس هذا: بِجِذْلِ الطَّعان: [من الوافر]

لقد علمتْ معدّ أن قومي … كرامُ الناسِ أن لهم كراما (١)

فأي الناس فاتونا بوِترٍ … وأي الناس لم نُعْلِك لِجاما

أَلَسْنا الناسِئينَ على معدٍّ … شهورَ الحِلّ نجعلُها حَراما

والمقصود (٢) أنه جمع قريشًا من متفرقات مواضعهم من جزيرة العرب، واستعان بمن أطاعه من أحياء العرب على حرب خُزاعة وإجلائهم عن البيت الحرام (٣) وتسليمه إلى قُصي، فكان بينهم قتال كبير (٤) ودماءٌ غزيرة، ثم تداعوا إلى التحكيم، فتحاكموا إلى يَعْمَر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فحكم بأن قُصيًا أَوْلَى بالبيت من خُزاعة، وأنَّ كلَّ دم أصابَه قُصَيّ من خزاعة وبني بكر موضوعٌ يَشْدَخُه (٥) تحت قدميه، وأن ما أصابته خُزاعة وبنو بكر من قُريش وكنانة وبني (٦) قضاعة ففيه الدية مُؤَدّاة، وأن يُخَلَّى بين قُصَي وبين مكة والكعبة. فَسُمّي يَعْمَر يومئذٍ: الشدَّاخ (٧).

قال ابن إسحاق: فوَلي قُصَي البيتَ وأمرَ مكة، وجَمَع قومَه من منازلهم إلى مكة، وتملَّك على قومه وأهل مكة فملّكوه، إلا أنه أقر العرب على ما كانوا عليه، لأنه يرى ذلك دينًا في نفسه لا ينبغي تغييرُه. فأقرّ آلَ صفوان وعَدوان والنَّسَأَةَ ومُرةَ بن عوف على ما كانوا عليه، حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله. قال: فكان قُصَي أول بني كعب أصابَ مُلْكا أطاع له به قومه، وكانت إليه الحِجابة والسقاية والرِّفادة والندوة واللواء (٨)، فحاز شَرَف مكة كلَّه، وقطع مكة رِباعًا بين قومه، فأنزل كلَّ قوم من قريش منازلهم من مكة (٩).


(١) كذا في ط، والسيرة، والروض. وفي أ: معدًا من لؤي.
(٢) زاد في ط قبل هذه الكلمة: وكان قصي في قومه سيدًا رئيسًا مطاعًا معظمًا. ولا وجود لها في السيرة. في هذا الموضع.
(٣) الحرام، ليست في ط.
(٤) في ط: كثيرة.
(٥) يشدخه: يكسره، يريد إبطال تلك الدماء.
(٦) بني، ليست في ط.
(٧) السيرة (١/ ١٢٤).
(٨) الحجابة: أن يكون مفاتيح البيت عنده، فلا يدخله أحد إلا بإذنه. والسقاية: سقاية الحجيج. والرفادة: طِعام كانت قريش تجمعه كل عام لأهل الموسم. والندوة: الاجتماع للمشورة والرأي. واللواء: يعني في الحرب ولأنه كان لا يحمله إلا أناس مخصوصون.
(٩) كذا في ط: وكذلك في السيرة. وفي أ، وب: من مكة منازلهم.