للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ما كذب وإن هذا الضارج أو (ضارج) (١)، عندكم، فنظرنا فإذا بيننا وبين الماء نحوٌ من خمسين ذراعًا، فحبونا إليه على الركَب، فإذا هو كما قال امرؤ القيس عليه العرمض يفيء عليه الظل. فقال رسول الله : "ذاك رَجُلٌ مذكورٌ في الدنيا منسِيٌّ في الآخرة، شَريفٌ في الدنيا، خامل في الآخرة، بيده لواء الشعراء يقودُهم إلى النار".

وذكر الكلبي: أن امرأ القيس أقبل براياته يريد قِتال بني أسد حين قتلوا أباه، فمر بِتَبَالةَ، وبها ذو الخُلصهَ، وهو صنم، وكانت العرب تستقسم عنده، فاستقسم، فخرج القدح الناهي، ثم الثانية، ثم الثالثة كذلك، فكسر القداح وضرب بها في (٢) وجه ذي الخُلَصة وقال: عَضِضْتَ بأير أبيك، لو كان أبوك المقتولَ لما عَوَّقْتَني. ثمّ أغار على بني أسد (٣) فقتلهم قتلًا ذريعًا. قال ابن الكلبي: فلم يُسْتَقْسَم عِند ذي الخلصَة حتى جاء الإسلام (٤). وذكر بعضهم أنه امتدح قيصر ملك الروم يستنجده في بعض الحروب ويسترفده، فلم يجد ما يؤمله عنده، فهجاه بعد ذلك، فيقال: إنه سقاه سُمًّا فقتله، فألجأه الموتُ إلى جنب قبرِ امرأةٍ عند جبل يقال له: عسيب، فكتب هنالك: [من الطويل]

أجارتَنا إن المزارَ قريبُ … وإني مُقيمٌ ما أقامَ عسيبُ

أجارتَنا إنا غَريبان ها هنا … وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ (٥)

وقد (٦) ذكروا أن المعلقات السبع كانت معلَّقةً بالكعبة (٧)، وذلك أن العرب كانوا إذا عمل أحدُهم قصيدةً عرضها على قريش، فإن أجازوها علّقوها على الكعبة تعظيمًا لشأنها، فاجتمع من ذلك هذه المعلقات السبع:

فالأولى لامرئ القيس بن حُجْر الكِندي كما تقدم، وأولها: [من الطويل]

قِفا نَبْكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ ومَنْزلِ … بِسِقْطِ اللِّوَى بينَ الدَّخُولِ فَحومَلِ


(١) في ط: والله ما كذب، هذا ضارج عندكم.
(٢) ليست في ط. ولا الأصنام لابن الكلبي.
(٣) في أ: سليم وهو سهو.
(٤) الأصنام لابن الكلبي (٤٧). وفي ص (٣٤ - ٣٦). تفصيل خبر ذي الخلصة.
(٥) البيتان في ديوانه (٣٥٧)، وكذلك في الشعر والشعراء (١/ ١٢١)، والأغاني (٩/ ١٠١)، ومختصر تاريخ دمشق (٤١).
(٦) في ط: وذكروا.
(٧) انظر ما جاء في الحديث عن المعلقات وتسميتها وعددها وما إلى ذلك في كتاب (المعلقات سيرة وتاريخًا) لنجيب البهبيتي. طبع دار الثقافة - المغرب. (١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م).