للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإبل التي نُحرت عنك وقَعْ عليَّ الآن. قال: أنا مع أبي ولا أستطيع خِلافه ولا فراقه. فخرج به عبد المطلب حتى أتى وهْبَ بن عبد مناف بن زُهرة بن كلاب بن مُرّة بن كَعْب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو يومئذ سيد بني زهرة نسبًا (١) وشرفًا، فزوجه ابنته آمنة بنت وهب، وهي يومئذ سيدةُ نساء قومها، فزعموا أنه دخل عليها حين أُمْلِكَها مكانه (٢)، فوقع عليها فحملت منه برسول الله ، ثمّ خرج من عندها فأتى المرأة التي عَرَضت عليه ما عَرَضت، فقال لها: مالك لا تعرضين عليَّ اليومَ ما كنتِ عرضتِ (٣) بالأمس؟ قالت له: فارقك النورُ الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك (٤) حاجة. وكانت تسمع من أخيها وَرَقَة بن نوفل -وكان قد تنصَّر واتَّبع الكتبَ- أنه كائن في هذه الأمة نبي (٥)، فطمعت أن يكون منها، فجعله الله تعالى في أشرف عنصر وأكرم محتد وأطيب أصل، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنفال: ١٢٤].

وسنذكر المولد مفصلًا.

ومما قالت أم قتال بنت نوفل من الشعر تتأسف على ما فاتها من الأمر الذي رامته، وذلك فيما رواه البيهقي من طريق يونُس بن بكير، عن محمد بن إسحاق : [من الوافر]

عليكَ بآلِ زهرةَ حيثُ كانوا … وآمنةَ التي حَمَلت غلاما

نرى المهديَّ حينَ نزا عليها … ونورًا قد تَقَدّمه أماما

[إلى أن قالت] (٦): [من الوافر]

فكلُّ الخَلْق يرجوهُ جميعًا … يسودُ الناسَ مهتديًا إماما

براه اللهُ من نورٍ صَفَاه … فأذهبَ نورُه عنّا الظلاما

وذلكَ صُنْعُ ربك إذ حَباهُ … إذا ما سارَ يومًا أو أقاما

فيهدي أهلَ مكةَ بعدَ كُفرٍ … ويفرضُ بعدَ ذلكمُ الصِّياما

وقال أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي: حدّثنا علي بن حرب، حدّثنا محمد بن عمارة القرشي، حدّثنا مسلم بن خالد الزنجي، حدّثنا ابن جُريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: لما انطلق عبد المطلب بابنه عبد الله ليزوجَه مرَّ به على كاهنة من أهل تَبَالة مُتهوِّدة قد قرأت الكتب،


(١) كذا في ب، وهو موافق لنص السيرة. وفي أ: سناءً. وفي ط: سنًا.
(٢) أُملك المرأة، بالبناء للمجهول: تزوجها.
(٣) كذا في ب، وط، والسيرة. وفي أ: تعرضين.
(٤) في ب: اليوم حاجة. وكذلك في السيرة.
(٥) السيرة (١/ ١٥٦ - ١٥٧). ودلائل النبوة لأبي نعيم (١/ ١٦٢ - ١٦٧).
(٦) قوله: إلى أن قالت. زيادة من ب، ط.