للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر شعرًا قاله عمرو بن مُرَّة في ذلك كما هو مبسوطٌ في المسند الكبير (١)، وبالله الثقة وعليه التكلان.

وقال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)[الأحزاب: ٧]. قال كثيرون من السلف: لما أخذ الله ميثاق بني آدم يوم ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢]. أخذ من النبنِّين ميثاقًا خاصًا؛ وأكد مع هؤلاء الخمسة أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار الذين أوَّلُهم نوح وآخرهم محمد وعليهم أجمعين.

وقد روى الحافظ أبو نعيم في كتاب "دلائل النبوة" (٢) من طرق، عن الوليد بن مسلم، حدّثنا الأوزاعي، حدّثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: سئل رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: "بين خَلْقِ آدمَ ونَفْخ الرُّوح فيه".

وهكذا رواه الترمذي من طريق الوليد بن مسلم، وقال: حسنٌ غريب من حديث أبي هريرة، لا نعرفه إلا من هذا الوجه (٣).

وقال أبو نعيم (٤): حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا يعقوب بن إسحاق بن الزبير الحلبي (٥)، حدّثنا أبو جعفر النُّفَيْلي، حدّثنا عمرو بن واقد، عن عروة بن رُويم، عن الصُّنَابِحي قال: قال عمر: يا رسول الله، متى جُعلت نبيًّا؟ قال: "وآدمُ مُنْجَدِلٌ في الطِّين".

ثم رواه (٦) من حديث نَصْر بن مُزَاحم، عن قيس بن الربيع، عن جابر الجُعْفي، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله: متى كنتَ نبيًّا؟ قال: "وآدمُ بين الروح والجسَد".

وفي الحديث الذي أوردناه في قصة آدمِ حين استخرج الله من صُلْبه ذُرِّيَّته خصَّ الأنبياء بنورٍ بين أعينهم. والظاهر- والله أعلم- أنه كان على قدْر منازلهم ورُتَبِهم عند الله. وإذا كان الأمر كذلك، فنور محمدٍ كان أظهرَ وأكبر وأعظمَ منهم كُلِّهم؛ وهذا تَنْويهٌ عظيم وتنبيهٌ ظاهرٌ على شَرَفِهِ وعُلُوِّ قَدْره.


= وليس للوارد التيعة وفي حاشية ط: كذا في الأصل، ولعله يريد أنه لا يؤخذ في الصدقة كرائم الأموال. والله أعلم.
(١) لعله يريد معجم الطبراني، وهو في القسم المفقود منه، والشعر ذكره أيضًا ابن الجوزي في الوفا (١/ ٨٤).
(٢) دلائل النبوة لأبي نعيم (١/ ٤٨).
(٣) جامع الترمذي (٣٦٠٩) المناقب باب في فضل النبي . وأخرجه الحاكم (٢/ ٦٠٩) والبيهقي في دلائل النبوة (٢/ ١٣٠).
(٤) لم أجده في دلائل النبوة لأبي نعيم المطبوع من هذا الطريق، وهو فيه (١/ ٤٨) من طريق آخر عن العرباض بن سارية. كما سيأتي وأخرجه الحاكم من طريق العرباض أيضًا (٢/ ٦٠٠).
(٥) هو شيخ للطبراني ذكره في معجمه الصغير (١١٣٤)، ومعجمه الأوسط (٩٤٣٥) و (٩٤٣٦) و (٩٤٣٧) و (٩٤٣٨) و (٩٤٣٩) و (٩٤٤٠) و (٩٤٤١) و (٩٤٤٢) و (٩٤٤٣) و (٩٤٤٤)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: لا أعرفه (٧/ ١٤٦) (بشار).
(٦) ليس الحديث في دلائل أبي نعيم كما أسلفت في ص (١٠٩ حاشية ٧).