للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي هلال [عن هلال] (١) بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن ابن سَلام أنَّهُ كان يقول: إنَّا لنَجِدُ صفةَ رسولِ الله ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥)[الأحزاب: ٤٥] وحِرْزًا للأمِّيِّين، أنت عَبْدِي ورسولي، سمَّيْته المتوكِّل، ليس بفظٍّ ولا غليظ، ولا سَخَّاب في الأسواق، ولا يَجْزي السِّيئة مثْلَها، ولكنْ يعفو ويتجاوز، ولن يَقْبِضَهُ حتى يُقيم به المِلَّة العَوْجاء بأنْ يشهدوا أنْ لا إله إلا الله، يفتح به أعْيُنًا عُمْيًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلْفًا.

وقال عطاء بن يسار: وأخبرني الليثي أنه سمع كعبَ الأحْبار يقولُ مثل ما قال ابنُ سلام.

قلت: وهذا عن عبد الله بن سَلام أشبه، ولكنَّ الرواية عن عبد الله بن عمرو أكثر، مع أنه كان قد وجد يوم اليرموك زاملتَيْن من كُتب أهل الكتاب (٢)، وكان يحدِّثُ عنهما كثيرًا؛ وليُعْلَمْ أنَّ كثيرًا من السلف كانوا يُطلقون التوراة على كتب أهل الكتاب، فهي عندهم أعمُّ من التي أنزلها الله على موسى، وقد ثبت شاهدُ ذلك من الحديث.

وقال يونس عن محمد بن إسحاق (٣): حدّثني محمد بن ثابت بن شُرَحبيل، عن أم الدرداء (٤) قالت: قلت لكعب الأحبار: كيف تجدونَ صفةَ رسولِ الله في التوراة؟ قال: نجدُهُ محمد رسول الله، اسمُهُ المتوكل، ليس بفَظٍّ ولا غَليظ، ولا سَخَّابٍ في الأسواق، وأُعطي المفاتيح، فَيُبَصِّر الله به أعْيُنًا عُورًا، ويُسمع بهِ آذانًا وُقْرًا، ويُقيم به ألْسُنًا مُعْوجَّة، حتى يشهدوا (٥) أنْ لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شريكَ له، يُعين به المظلوم ويمنعه.

وقد رُوي عن كعب من غير هذا الوجه (٦).

وروى البيهقيُّ (٧) عن الحاكم، عن أبي الوليد الفقيه، عن الحسن بن سفيان، حدّثنا عُقْبة (٨) بن مُكْرَم، حدّثنا أبو قَطَن عمرو بن الهيثم، حدّثنا حمزةُ الزيَّات، عن سُليمان الأعمش، عن علي بن


(١) ما بين معقوفين من دلائل أبي نعيم (١/ ٣٧٦) وترجمة هلال بن علي بن أسامة في تهذيب التهذب (١١/ ٨٢).
(٢) في ذلك أقوال مضت في الجزء الأول في قصة شعيب من هذا الكتاب والصفحة (٩٥) من هذا الجزء.
(٣) دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٧٦، ٣٧٧).
(٤) في ط: عن ابن أبي أوفى عن أم الدرداء، وليست هذه الزيادة في ح أو دلائل البيهقي.
(٥) في دلائل البيهقي: يُشْهَد.
(٦) هذه الرواية في طبقات ابن سعد (١/ ٣٦٠).
(٧) في دلائل النبوة (١/ ٣٨١) وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٠٨) قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. قال بشار: هكذا قال الحاكم ولا يصح كلامه البتة، فعقبة بن مكرم الذي روى عنه الحسن بن سفيان لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة فضلًا عن مسلم، وهو عقبة بن مكرم بن عقبة بن مكرم الضبي الهلالي الكوفي، وقد ذكره المزي في التهذيب تمييزًا (٢٠/ ٢٢٦) له عن عقبة بن مكرم بن أفلح الصمي البصري (٢٠/ ٢٢٣)، وهو الذي أخطأ فيه الحاكم فظنه هو الراوي عن الحسن بن سفيان مع أن نسبه ضبيبًا.
(٨) في ح، ط: عتبة، وهو تصحيف، والمثبت من الدلائل وتهذيب المزي (٢٠/ ٢٢٦).