للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال اللَّه تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: ٧]. وقد تقدَّم في حديث الأوعال (١) أنَّهم ثمانية، وفوق ظهورهنَّ العَرشُ، وقال تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧].

وقال شهْرُ بْن حوْشب: حملةُ العرْش ثمانيةٌ؛ أربعةٌ منهم يقولون: سُبْحانك اللَّهُمَّ وبحَمْدكَ، لَكَ الحمْدُ على حلْمكَ بَعْدَ عِلْمِكَ (٢)، وأربعة يقولون: سُبْحانكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدكَ لَكَ الحَمْدُ عَلَى عَفْوكَ بَعْدَ قُدْرَتكَ.

فأما الحديثُ الذي رواه الإمام (٣) أحمد (٤): حدَّثنا عبد اللَّه بن محمد هو أبو بكر [بن أبي شَيْبة] (٥)، حدَّثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أنَّ رسول اللَّه صدَّق أمية بن أبي الصَّلْت (٦) في شيء من شعره فقال: [من الكامل]

رجُلٌ وثَوْرٌ تحْتَ رِجْلِ يَمينهِ … والنَّسْرُ للأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصدٌ (٧)

فقال رسول اللَّه : "صدق". فقال: [من الكامل]

والشَّمْسُ تَطْلع كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ … حَمْراءَ يُصْبحُ لَوْنُها يَتَورَّدُ

تَأْبَى فما تَطلع لَنا في رِسْلِها … إلا مُعَذَّبَةً وإلا تُجْلَدٌ (٨)

فقال رسول اللَّه : "صَدَقَ". فإنَّهُ حديثٌ صحيحُ الإسناد، رجالُه ثقات (٩). وهو يقتضي أنَّ


(١) تقدم الحديث ص ١٥ وإسناده ضعيف.
(٢) في ب: لك الحمد على علمك، وأربعة. . وهو سهو من الناسخ.
(٣) لفظة: الإمام؛ سقطت من ب.
(٤) مسند أحمد (١/ ٢٥٦) وهو عند الدارمي في سنه (٢/ ٢٩٦) في الاستئذان، باب في الشعر وفيه عنعنة ابن إسحاق، وهو مدلس.
(٥) زيادة من ب، وهو في مصنفه (٨/ ٥٠٥).
(٦) شاعر جاهلي معروف، أدرك الإسلام ولم يسلم، وكان ينتظر أن تكون النبوّة له لما علم عن خبرها من رهبان النصارى وأحبار اليهود. انظر دراسة مفصلة عنه في ديوانه، صنعة الأستاذ الدكتور عبد الحفيظ السطلي.
(٧) البيت مع البيتين القادمين، في ديوانه (ص ٣٦٥) وهو من قصيدة طويلة مطلعها:
اعلم بأنَّ اللَّه ليس كصُنْعِهِ … صنْعٌ، ولا يخفى عليه مُلْحد
وهي من شعره المتهم، كما أشار الدكتور السطلي وسيأتي البيتان أيضًا ص (٥٤).
(٨) أثبتُّ رواية ب، وهي الموافقة للمصدر الذي ينقل منه المصنف وهو مسند أحمد.
(٩) أقول: لكن فيه محمد بن إسحاق مدلس، وقد رواه بالعنعنة.