للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بحرَمِ مكَّة وبمكانه منها، وتودَّدَ فيها أشرافَ قومه، وهو على ذلك يُخبرهم وغيرَهم في شعرِهِ أنَّه غير مسلمٍ لرسولِ الله ، ولا تاركه لشيءً أبدًا حتى يهلِكَ دونه. فقال: [من الطويل]

ولما رأيتُ القومَ لا وُدَّ فيهمُ … وقد قطعوا كلَّ العُرَى والوسائلِ

وقد صارَحُونا بالعَدَاوةِ والأذى … وقد طاوَعُوا أمرَ العدوِّ المُزايلِ

وقد حالَفُوا قومًا علينا أَظِنّةً … يَعَضُّونَ غيظًا خَلْفنا بالأناملِ

صبرتُ لهم نفسي بسمراءَ سَمْحةٍ … وأبيضَ عَضْبٍ من تُراثِ المَقاولِ (١)

وأحضرتُ عند البيت رَهْطي وإخوتي … وأمسكتُ من أثوابِهِ بالوصائلِ

قيامًا معًا مُستقبلينَ رِتاجَه … لدى حيث يَقضي حَلفَه كلَّ نافلِ (٢)

وحيثُ يُنيخ الأشعرونَ ركابهم … بمُفْضَى السيولِ من إسافٍ ونائلِ

موسّمةَ الأعضادِ أو قَصَرَاتِها … مخيَّسةً بين السَّديسِ وبازِل (٣)

ترى الودْعَ فيها والرخامَ وزينةً … بأعناقها معقودةً كالعثاكلِ (٤)

أَعُوذُ بربّ الناس من كلِّ طاعنٍ … علينا بسوءٍ أو مُلحٍّ بباطل (٥)

ومن كاشحٍ يسعى لنا بمَعيبةٍ … ومن مُلحِقٍ في الدين ما لم نحاول (٦)

وثَوْرٍ ومن أرسى ثَبيرًا مكانَهُ … وراقٍ ليرقى في حِرَاءَ ونازلِ (٧)


= والقصيدة في ديوان شيخ الأباطح (ص ٢ - ١٢).
(١) "المقاول": الملوك. جمع مِقْول. اللسان (قول). وأراد بالمقاول آباءه، شبههم بالملوك، ولم يكونوا ملوكًا، ولا كان فيهم من ملك، بدليل حديث أبي سفيان حين قال له هرقل: هل كان في آبائه من ملك؟ فقال: لا. ويحتمل أن يكون هذا السيف الذي ذكر أبو طالب من هبات الملوك لأبيه، فقد وهب بن ذي يزن لعبد المطلب هبات جزلة حين وفد عليه مع قريش، يهنئونه بظفره بالحبشة، وذلك بعد مولد رسول الله بعامين. الروض (٢/ ٢٢).
(٢) رواية الشطر الأول في السير والمغازي: عكوفًا معًا مستقبلين وتارة. وفي ح: يستقبلون.
(٣) قال السهيلي في الروض (٢/ ٢٢): وقوله: موسمة الأعضاد، يعني معلمة بسمة في أعضادها، ويقال لذلك الوسم السطاع والخباط في الفخذ، والرقمة أيضًا في العضد، ويقال للوسم في الكشح: الكشاح: ولما في قَصَرَةِ العنق العلاط. وقصراتها: جمع قصرة، وهي أصل العنق، وخفضها بالعطف على الأعضاد. والمخيَّسة: المذلَّلة الي لم تسرَّح، ولكنها خُيِّست للنحر أو القَسْم. والسَّديس من الإبل: ما دخل في السنة الثامنة. والبازل: الذي خرج نابه وذلك في السنة التاسعة. الروض (٢/ ٢٢) واللسان (خيس، سدس، بزل) ولفظ ح: محبَّسة.
(٤) "الوَدْع": بالسكون والفتح: خرزات تنظم ويتحلَّى بها النساء والصبيان. والرخام: أي ما قطع من الرخام، فنظم، وهو حجر أبيض ناصح. والعثاكل: أراد العثاكيل، فحذف الياء ضرورة كما قال ابن مضاض: وفيها العصافر، أراد: العصافير. الروض (٢/ ٢٢).
(٥) هكذا في ح، ط وسيرة ابن هشام والروض: ولعل الصواب: ملجٍّ بالجيم.
(٦) في ح: لنا بمعشة .. ما لم يجادل.
(٧) قال السهيلي في الروض (٢/ ٢٤): وأصح الروايتين فيه: وراق لبرٍّ في حراءَ ونازلِ. قال البرقي: هكذا رواه ابن إسحاق وغيره وهو الصواب.