للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحرَّقُ لا تُشْوِي ضعيفًا وتنتحي … ذوي العِرِّ منكم بالحُتوف الصوائب (١)

ألم تعلموا ما كان في حَرْبِ داحِسٍ … فتعتبروا أو كانَ في حَرْب حاطِب

وكم ذا أصابتْ من شريفٍ مُسَوَّدٍ … طويل العِماد ضيفُه غيرُ خائب

عظيمِ رمادِ النارِ يُحمَد أمرُه … وذي شيمةٍ مَحْضٍ كريمِ المَضَارب (٢)

وماءٍ هُريقَ في الضَّلال كأنما … أذاعَتْ به ريحُ الصَّبَا والجَنَائبِ (٣)

يخبِّركم عنها امرؤٌ حقّ عالمٍ … بأيامها والعلمُ علمُ التجارب

فبيعوا الحِرَاب مِلْمُحاربِ واذكروا … حِسَابكم واللهُ خيرُ محاسب

وليُّ امرئٍ فاختارَ دينًا فلا يَكُنْ … عليكم رقيبًا غيرَ ربِّ الثواقب (٤)

أقيموا لنا دينًا حَنيفًا فأنتمو … لنا غايةٌ، قد يُهتدَى بالذوائب

وأنتم لهذا الناسِ نُورٌ وعِصْمةٌ … تؤمُّون والأحلامُ غيرُ عوازب

وأنتم إذا ما حُصِّلَ الناسُ جوهرٌ … لكم سُرَّةُ البطحاء شُمُّ الأرانبِ

تصونون أجسامًا كِرامًا عتيقةً … مهذَّبة الأنسابِ غيرَ أشائب

يرى طالبُ الحاجات نحو بيوتكم … عصائبَ هَلْكَى تهتدي بعصائب

لقد علمَ الأقوامُ أنَّ سَرَاتكم … على كل حالٍ خيرُ أهلِ الجباجب (٥)

وأفضلُه رأيًا وأعلاه سُنّةً … وأقولُه للحقِّ وسْط المواكب


= الحرب أول ما تكون فتية … تسعى بزينتها لكلِّ جهولِ
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها … ولت عجوزًا غير ذات خليل
شمطاء جزت رأسها فتنكرت … مكروهة للشم والتقبيل
فقوله أم صاحب: أي عجوزًا كام صاحب لك، إذ لا يصحب الرجلَ إلا رجلٌ في سنه.
(١) "تُشوي": لا تخطئ في قتلها. وتنتحي: تقصد. القاموس (شوي، نحي).
(٢) "كريم المضارب": وفي حاشية الشيخ: لعله الضرائب. يريد جميع ضريبة (الطبيعة)، ولا يبعد أيضًا أن يكون قال: المضارب. يريد أن مضارب سيوفه غير مذمومة، ولا راجعة عليه إلا بالثناء والحمد والوصف بالمكارم. الروض (٢/ ٣١).
(٣) ويروى في الصلال جمع صَلَّة، وهي الأرض التي لا تمسك الماء. أي رب ماءٍ هريق في الضلال من أجل السراب، لأنه لا يهريق ماء من أجل السراب إلا ضال غير مميز بمواضع الماء. وأذاعت به: أي بدَّدته فلم ينتفع به. وهذا مثل ضربه للنظر في عواقب الأمور. ويروى: وما أهريق في أمر. ومعناه والذي أهريق في أمر الضلال، فوصل ألف القطع ضرورة. الروض (٢/ ٣١).
(٤) أي هو وليُّ امرئٍ اختار دينًا، والفاء زائدة. الروض (٢/ ٣١).
(٥) "الجباجب": منازل منى، وقيل هي حفر بمنى يجمع فيها دم البُدْن، والهدايا، والعرب تعظمها وتفخر بها. الروض (٢/ ٣١).