للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابنُ هشام (١): وأهل العلم يعدُّون فيهم أبا الهيثم بن التَّيِّهان بدَلَ رفاعة هذا.

وهو كذلك في رواية يونس، عن ابن إسحاق. واختاره السُّهيلي وابنُ الأثير في "أسد الغابة" (٢).

ثم استشهد ابنُ هشام (٣) على ذلك بما رواه عن أبي زيد الأنصاري فيما ذكره من شعر كعب بن مالك في ذكر النقباء الاثني عشر هذه الليلة - ليلة العقبة الثانية - حين قال: [من الطويل]

أبلغْ أبَيًّا أنَّهُ فالَ رأيُه … وحان غداةَ الشِّعبِ والحَيْنُ واقعُ (٤)

أبَى اللهُ ما منَّتْكَ نفسُك إنه … بمرصادِ أمرِ الناس راء وسامعُ

وأبلغْ أبا سفيانَ أنْ قد بدا لَنا … بأحمد نورٌ من هُدى الله ساطعُ

فلا ترغَبَنْ في حشدِ أمرٍ تُريده … وألِّبْ وجمِّعْ كلَّ ما أنت جامعُ

ودونَك فاعلمْ أنّ نقضَ عهودنا … أباه عليكَ الرهطُ حينَ تتابعوا

أباهُ البراءُ وابنُ عمرو كلاهما … وأسعدُ يأباه عليكَ ورافعُ

وسعدٌ أباه الساعديُّ ومنذِرٌ .... لأنفِك إنْ حاولتَ ذلك جادِعُ

وما ابنُ ربيعٍ إن تناولتَ عهدَه … بمُسْلِمِهِ لا يطمعَنْ ثَمَّ طامعُ

وأيضًا فلا يعطيكهُ ابنُ رَواحة … وإخفارُه من دونه السمُّ ناقع

وفاءً به، والقوقليّ بنُ صامتٍ … بمندوحةٍ عمَّا تُحاولُ يافع (٥)

أبو هيثم أيضًا وفيٌّ بمثلها … وفاءً بما أعطى من العهدِ خانع

وما ابنُ حُضيرٍ إنْ أردتَ بمَطْمَعٍ … فهل أنتَ عن أُحموقةِ الغي نازع

وسعدُ أخو عمرو بن عوف فإنه … ضَروحٌ لما حاولتَ مِلأمرِ مانع (٦)

أولاكَ نجومٌ لا يُغِبُّك منهمُ … عليكَ بنحسٍ في دُجى الليل طالع

قال ابنُ هشام (٧): فذكر فيهم أبا الهيثم بن التَّيِّهان ولم يذكُرْ رفاعة.

قلت: وذكر سعد بن معاذ وليس من النقباء بالكلية في هذه الليلة، والله أعلم.

وروى يعقوبُ بن سفيان عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن مالك، قال: كان الأنصار ليلة


(١) في السيرة النبوية (١/ ٤٤٥) والروض (٢/ ١٩٠).
(٢) أسد الغابة (٥/ ٢٨٠).
(٣) في السيرة (١/ ٤٤٥) والروض: (١٩٠).
(٤) قال رأيه: ضعف وأخطأ. والحَيْن: الهلاك والمِحنة. القاموس (فيل، حين).
(٥) "القوقلي": نسبة إلى قوقل وهو أبو بطن من الأنصار سمِّي به لأنه كان إذا أتاه إنسان يستجير به أو بيثرب قال له قَوْقِلْ في هذا الجبل وقد أمنت، أي: ارتقِ. وهم القواقلة. القاموس (قوقل).
(٦) "الضَّرُوح": الدفوع المنوع. القاموس (ضرح) وفي ح: للأمر.
(٧) في السيرة (١/ ٤٤٥) والروض (٢/ ١٩١).