للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقبة سبعين (١) رجلًا، وكان نقباؤهم اثني عشر نقيبًا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس. وحدثني شيخٌ من الأنصار أن جبريل كان يُشير إلى رسول اللَّه إلى مَنْ يجعله نقيبًا ليلة العقبة، وكان أُسيد بن حُضير أحد النقباء تلك الليلة. رواه البيهقي (٢).

وقال ابنُ إسحاق (٣): فحدَّثني عبد اللَّه بن أبي بكر أنَّ رسولَ اللَّه قال للنقباء: "أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيلٌ على قومي". قالوا: نعم.

وحدَّثني عاصم بن عمر بن قتادة أنَّ القوم لما اجتمعوا لبيعةِ رسولِ اللَّه قال العباس بن عُبادة بن نَضْلَة الأنصاري أخو بني سالم بن عوف: يا معشر الخَزْرج، هل تدرون علامَ (٤) تبايعون هذا الرجل؟ قالوا: نعم. قال: إنكم تبايعونه على حَرْب الأحمر والأسود من الناس، فإنْ كنتم ترَوْن أنكم إذا نُهكتْ أموالُكم مُصِيبةً وأشرافُكم قتلًا أسلمتموه، فمن الآن، فهو واللَّه إنْ فعلتم خزْيُ الدنيا والآخرة، وإنْ كنتم ترون أنكم وافُون له بما دعوتموه إليه على نَهْكَةِ الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو واللَّه خيرُ الدنيا والآخرة. قالوا: فإنا نأخذُه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف فما لنا بذلك يا رسول اللَّه إن نحن وفَّينا؟ قال: "الجنَّة" قالوا: ابْسُطْ يدَك. فبسط يده فبايعوه.

قال عاصم بن عمر بن قتادة: وإنما قال العباس بن عبادة ذلك ليشدَّ العقد في أعناقهم.

وزعم عبد اللَّه بن أبي بكر أنه إنما قال ذلك ليؤخر البيعة تلك الليلة، رجاءَ أن يحضُرَها عبد اللَّه بن أُبَي بن سَلُول سيِّدُ الخزرج ليكون أقوى لأمر القوم، فاللَّه أعلم أيّ ذلك كان.

قال ابن إسحاق (٥): فبنو النجَّار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زُرارة كان أوَّلَ مَنْ ضرب على يده. وبنو عبد الأشهل يقولون: بل أبو الهيثم بن التَّيِّهان.

قال ابن إسحاق (٦): وحدَّثني معبد بن كعب، عن أخيه عبد اللَّه، عن أبيه كعب بن مالك قال: فكان أول من ضرب على يد رسولِ اللَّه البرَاءُ بن مَعْرور، ثم بايع القوم.

وقال ابنُ الأثير في "أسد الغابة" (٧): وبنو سلمة يزعمون أنَّ أول من بايعه ليلتئذٍ كعب بن مالك.

وقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم (٨) من حديث الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب،


(١) في ط: سبعون. والمثبت من ح ودلائل البيهقي.
(٢) في الدلائل (٢/ ٤٥٣).
(٣) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٤٦) والروض (٢/ ١٩١).
(٤) في ح: على ما.
(٥) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٤٧) والروض (٢/ ١٩١).
(٦) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٤٧) والروض (٢/ ١٩١).
(٧) انظر الكامل (٢/ ١٠٠).
(٨) فتح الباري (٣٨٨٩) مناقب الأنصار باب وفود الأنصار إلى النبي بمكة، وصحيح مسلم (٥٣ - ٢٧٦٩) التوبة =