للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكسل، والنفقة في العُسْر واليُسْر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أنْ نقولَ في اللَّه لا تأخذنا فيه لومةُ لائم، وعلى أن ننصرَ رسولَ اللَّه إذا قدم علينا يثرب ممّا نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فهذه بيعةُ رسولِ اللَّه التي بايعناهُ عليها.

وهذا إسنادٌ جيدٌ قويّ ولم يخرِّجوه.

وقد روى يونس (١) عن ابن إسحاق: حدَّثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جدِّه عبادة بن الصامت. قال: بايَعْنا رسولَ اللَّه بيعةَ الحَرْب على السمع والطاعة في عُسْرنا ويُسْرنا، ومَنْشَطِنا ومكرهِنا، وأثرة علينا، وأنْ لا ننازعَ الأمْرَ أهله، وأن نقول بالحق أينما كنَّا لا نخافُ في اللَّه لومةَ لائم.

قال ابن إسحاق (٢) في حديثه عن معبد بن كعب، عن أخيه عبد اللَّه بن كعب بن مالك، قال: فلمَّا بايعنا رسول اللَّه صرخ الشيطانُ من رأس العَقَبة بأنفذ صوتٍ سمعتُه قطّ: يا أهلَ الجَبَاجِب، -والجباجب المنازل- هل لكم في مُذَمَّم والصُّبَّاء معه قد اجتمعوا على حربكم. قال: فقال رسولُ اللَّه : "هذا أزَبُّ العَقَبة، هذا ابنُ أزْيَب" -قال ابنُ هشام: ويقال ابن أُزَيْب-: "أتسمع أي عدوَّ اللَّه؟ أما واللَّه لأتفزَغَنَّ لك" ثم قال رسولُ اللَّه : "ارْفَضُّوا إلى رحالِكم". قال فقال العباس بن عُبادة بن نَضْلَة: يا رسول اللَّه، والذي بعثك بالحق إنْ شئتَ لنميلَنَّ على أهلِ منًى غدًا بأسيافنا. قال: فقال رسولُ اللَّه : "لم نُؤْمَرْ بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم". قال: فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا فيها حتى أصبحنا.

فلما أصبحنا غدَتْ علينا جِلَّةُ قريش حتى جاؤونا في منازلنا فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حَرْبنا. وإنه واللَّه ما مِنْ حي من العرب أبغض إلينا من أن تنشبَ الحربُ بيننا وبينهم منكم. قال: فانبعث مَنْ هناك من مشركي قومنا يحلفون ما كان من هذا شيءٌ وما علمناه. قال: وصدقوا لم يعلموا. قال: وبعضنا ينظرُ إلى بعض. قال: ثم قام القومُ وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المَخْزُومي وعليه نعلانِ له جَديدان. قال: فقلت له كلمة -كأني أريدُ أن أشركَ القومَ بها فيما قالوا-: يا أبا جابر، أما تستطيعُ أنْ تتَّخذ وأنت سيدٌ من سادتنا مثل نعلَيْ هذا الفتى من قريش؟ قال: فسمعها الحارث فخلعهما من رجليه ثم رمى بهما إليّ. قال: واللَّه لتنتعلنَّهما، قال: يقول أبو جابر: مَهْ أحفظتَ واللَّه الفتى، فاردُدْ إليه نعلَيْه. قال: قلت واللَّه لا أردُّهما. فألٌ واللَّه صالح، لئن صدق الفألُ لأسْلُبَنَّه.

قال ابن إسحاق (٣): وحدَّثني عبد اللَّه بن أبي بكر أنهم أتَوْا عبدَ اللَّه بن أُبَيّ بن سَلُول فقالوا مثل


(١) هذه الرواية أيضًا عن البيهقي في الدلائل (٢/ ٤٥٢).
(٢) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٤٧) والروض (٢/ ١٩٢).
(٣) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٤٨) والروض (٢/ ١٩٢).