للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الواقدي (١) أنَّ أسعد بن زُرارة لما نزل رسولُ اللَّه في دار أبي أيوب أخذ بخطام ناقة رسولِ اللَّه فكانت عنده؛ وروَى عن زيد بن ثابت أنه قال: أولُ هديةٍ أهديت إلى رسول اللَّه حين نزل دار أبي أيوب أنا جئتُ بها، قصعةٌ فيها خبز مثرود بلبنٍ وسمن، فقلت: أرسلتْ بهذه القصعة أُمِّي. فقال: "بارك اللَّه فيك" ودعا أصحابه فأكلوا، ثم جاءت قصعةُ سعد بن عُبادة ثريد وعُرَاق لحم، وما كانت من ليلة إلا وعلى باب رسولِ اللَّه الثلاثة والأربعة يحملون الطعام (٢) يتناوبون، وكان مقامُه في دار أبي أيوب سبعةَ أشهر، قال: وبعث رسولُ اللَّه وهو نازل في دار أبي أيوب- مولاه زيدَ بن حارثة وأبا رافع ومعهما بعيران وخمسمئة درهم ليجيئا بفاطمةَ وأمِّ كلثوم ابنتَيْ رسولِ اللَّه ، وسودةَ بنتِ زمعة زوجته، وأسامة بن زيد، وكانت رُقَيَّةُ قد هاجرتْ مع زوجها عثمان، وزينب عند زوجها -بمكة- أبي العاص بن الربيع؛ وجاءت معهم أمُّ أيمن امرأة زيد بن حارثة وخرج معهم عبد اللَّه بن أبي بكر بعيالِ أبي بكر وفيهم عائشةُ أمُّ المؤمنين، ولم يدخل بها رسولُ اللَّه بعد.

وقال البيهقي (٣): أخبرنا عليُّ بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفَّار، حدَّثنا خلف بن عمرو العُكْبَري، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عطاف بن خالد، حدثنا صدِّيق بن موسى (٤) عن عبد اللَّه بن الزُّبير أنَّ رسولَ اللَّه قدم المدينة، فاستناخت به راحلتُه بين دار جعفر بن محمد بن علي وبين دار الحسن بن زيد، فأتاه الناس فقالوا: يا رسول اللَّه! المنزل. فانبعثت به راحلتُه فقال: "دعوها فإنها مأمورة" ثم خرجتْ به حتى جاءتْ موضع المنبر فاستناخت، ثم تخلَّلتِ [الناس] (٥)، وثمَّ عريشٌ كانوا يعرِشونه ويعمُرونه ويتبرَّدون فيه، فنزل رسولُ اللَّه عن راحلته فيه فأوى إلى الظل، فأتاه أبو أيوب فقال: يا رسولَ اللَّه! إنَّ منزلي أقربُ المنازلِ إليك فانقُلْ رحلك إليّ؟ قال: "نعم". فذهب برحلِه إلى المنزل، ثم أتاه رجلٌ فقال: يا رسول اللَّه! أين تحل؟ قال: "إن الرجلَ مع رحله حيثُ كان" وثبت رسولُ اللَّه في العريش اثنتي عشرةَ ليلةً حتى بنى المسجد.

وهذه مَنْقَبةٌ عظيمةٌ لأبي أيوب خالد بن زيد ، حيث نزل في داره رسولُ اللَّه . وقد روينا من طريق يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس ، أنه لما قدم أبو أيوب البصرة -وكان ابنُ عباس نائبًا عليها من جهة عليِّ بن أبي طالب فخرج له ابنُ


(١) طبقات ابن سعد (١/ ٢٣٧).
(٢) في ح: السلاح. والمثبت من ط وطبقات ابن سعد.
(٣) في دلائل النبوة (٢/ ٥٠٩).
(٤) صديق بن مرسى بن عبد اللَّه بن الزبير ضعيف، وترجمته في الميزان (٢/ ٣١٤) ولسان الميزان (٣/ ١٨٩) وجمهرة أنساب العرب لابن حزم (ص ١٢٣).
(٥) في ح، ط: تحللت بالحاء المهملة، والمثبت من الدلائل وما بين معقوفين منه.