للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أولُ طعامٍ يأكلُه أهلُ الجنة؟ وما ينزعُ الولد (١) إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: "أخبرني بهنَّ جبريلُ آنفًا" قال: جبريل؟! قال: "نعم" قال: عدوُّ اليهود من الملائكة. ثم قرأ ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٩٧]، "أما أول أشراطِ الساعة: فنارٌ تخرجُ على الناس من المشرقِ تسوقهم إلى المغرب؛ وأمَّا أولُ طعامٍ يأكلُه أهلُ الجنة فزيادةُ كبد حُوت، وإذا (٢) سبق ماءُ الرجلِ ماءَ المرأةِ نزَع الولدُ، وإذا سبق ماءُ المرأةِ نزَعَتْ" فقال: أشهدُ أن لا إله إلا اللَّه، وأنك رسولُ اللَّه ؛ يا رسول اللَّه! إنَّ اليهودَ قومٌ بُهْتٌ (٣) وإنهم إنْ يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهَتُوني، فجاءت اليهود، فقال: "أيُّ رجل عبدُ اللَّه فيكم؟ " قالوا: خيرُنا وابنُ خيرِنا، وسيدُنا وابنُ سيدِنا. قال: "أرأيتم إنْ أسلمَ؟ " قالوا: أعاذهُ اللَّه من ذلك. فخرج عبد اللَّه فقال: أشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وأشهدُ أن محمدًا رسولُ اللَّه. قالوا: شرُّنا وابنُ شرِّنا. وانتقصوه. قال: هذا الذي كنتُ أخافُ يا رسولَ اللَّه.

ورواه البخاري (٤) عن عبد اللَّه بن مُنير، عن عبد اللَّه بن بكر به، ورواه (٥) عن حامد بن عمر، عن بشر بن المفضل، عن حميد، به.

قال محمد بن إسحاق (٦): حدَّثني عبد اللَّه بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد اللَّه، عن رجلٍ من آل عبد اللَّه ابن سَلام. قال: كان من حديث عبد اللَّه بن سَلام حين أسلم -وكان حَبْرًا عالمًا- قال: لما سمعتُ برسولِ اللَّه وعرفتُ صفته واسمه وهيئته والذي كنَّا نتوكَّف له (٧)، فكنتُ مُسِرًّا لذلك، صامتًا عليه حتى قدِم رسولُ اللَّه المدينة، فلما قدم نزل بقُباء في بني عمرو بن عَوف، فأقبل رجلٌ حتى أخبر بقدومه، وأنا في رأسِ نخلةٍ لي أعمل فيها، وعمتي خالدةُ بنت الحارث تحتي جالسة، فلما سمعتُ الخبر بقدوم رسولِ اللَّه كبَّرْتُ، فقالت عمتي حين سمعتْ تكبيري: لو كنت سمعتَ بموسى بن عمران ما زدتَ! قال: قلتُ لها: أي عَمَّة، واللَّه هو أخو موسى بنِ عمران، وعلى دينِه بُعثَ بما بُعث به. قال فقالت له: يا ابنَ أخي أهو الذي كنَّا نُخبرُ به أنه يُبعث مع نفسِ الساعة؟ قال قلتُ لها: نعم. قال: فذاك إذًا.

قال: فخرجتُ إلى رسولِ اللَّه فأسلمتُ ثم رجعتُ إلى أهل بيتي، فأمرتُهم فأسلموا، وكتمتُ


(١) في ط: وما بال الولد. . . والمثبت من ح والدلائل.
(٢) في ط: وأما الولد إذا سبق، والمثبت من ح والدلائل والبخاري.
(٣) "بُهْت": جمع بَهُوت وهو من بناء المبالغة في البُهْت: وهو الكذب والافتراء. مثل صَبُور وصُبُر. ثم سُكّن تخفيفًا. النهاية لابن الأثير (١/ ١٦٥).
(٤) فتح الباري (٤٤٨٠) التفسير باب قوله من كان عدوًّا لجبريل من سورة البقرة.
(٥) فتح الباري (٣٩٣٨) مناقب الأنصار باب كيف آخى النبي بين أصحابه.
(٦) في سيرة ابن هشام (١/ ٥١٦) إلا أنه لم يذكر إسناده، وأخرجه البيهقي في الدلائل (٢/ ٥٣٠) عن علي بن أحمد بن عبدان الأهوازي عن أحمد بن عُبيد الصفار عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن الضحاك بن الحارث عن عبد اللَّه بن الأجلح عن محمد بن إسحاق به.
(٧) "توكف الخبر": انتظر وَكْفَه، أي وقوعه. النهاية لابن الأثير.