للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقام فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله ، وسمع من مالكٍ وأمر هوازن ما هم عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله فأخبره الخبر. فلما أجمع رسول الله السير إلى هوازن ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعًا له وسلاحًا، فأرسل إليه وهو يومئذٍ مشركٌ فقال: "يا أبا أمية، أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدوَّنا غدًا". فقال صفوان: أغَصبًا يا محمد؟ قال: "بل عاريَّةً مضمونةً حتى نُؤدِّيَها إليك". قال: ليس بهذا بأسٌ. فأعطاه مائة درعٍ بما يكفيها من السلاح، فزعموا أن رسول الله سأله أن يكفيهم حملها ففعل. هكذا أورد هذا ابن إسحاق من غير إسنادٍ.

وقد روى يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه. وعن عمرو بن شعيببٍ والزهريِّ وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزمٍ وغيرهم، قصة حُنينٍ، فذكر نحو ما تقدم، وقصة الأدراع كما تقدم، وفيه أن ابن حدردٍ لما رجع فأخبر رسول الله خبر هوازن كذبه عمر بن الخطَّاب، فقال له ابن أبي حدردٍ: لئن كذَّبتني يا عمر، فربما كذَّبت بالحقِّ. فقال عمر: ألا تسمع ما يقول يا رسول الله؟ فقال: "قد كنت ضالًّا فهداك الله".

وقد قال الإمام أحمد (١): ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شريكٌ، عن عبد العزيز بن رُفيعٍ، عن أمية بن صفوان بن أمية، عن أبيه أن رسول الله استعار منه يوم حنينٍ أدراعًا فقال: أغصبًا يا محمد؟ فقال: "بل عاريَّةً مضمونةً". قال: فضاع بعضها، فعرض عليه رسول الله أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب. ورواه أبو داود والنسائيُّ (٢) من حديث يزيد بن هارون به، وأخرجه النَّسائيُّ من رواية إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية أن رسول الله استعار من صفوان دروعًا، فذكره. ورواه من حديث هشيمٍ، عن حجَّاجٍ، عن عطاءً أن رسول الله استعار من صفوان أدراعًا وأفراسًا … وساق الحديث.

وقال أبو داود (٣): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن أُناسٍ من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله قال: "يا صفوان، هل عندك من سلاحٍ؟ " قال: عاريَّة أم غصبًا؟ قال: "لا، بل عاريَّةً". فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعًا، وغزا رسول الله حنينًا، فلما هزم المشركون جُمعت دروع صفوان ففقد منها أدراعًا، فقال رسول الله لصفوان: "قد فقدنا من أدراعك


(١) في "مسنده" (٣/ ٤٠٠) و (٦/ ٤٦٥)، وهو حديث حسن.
(٢) رواه أبو داود في "سننه" رقم (٣٥٦٢)، والنسائي في "سننه الكبرى" رقم (٥٧٧٩) من طريق يزيد بن هارون. والنسائي رقم (٥٧٨٠) من طريق إسرائيل. والنسائي أيضًا رقم (٥٧٧٨) من حديث هشيم. وينظر "تحفة الأشراف" للمزي (الحديث ٤٩٤٥).
(٣) في "سننه" رقم (٣٥٦٣)، وهو حديث حسن.