للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدراعًا، فهل نغرم لك؟ " قال: لا يا رسول الله، إن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذٍ. وهذا مرسلٌ أيضًا.

قال ابن إسحاق (١): ثم خرج رسول الله معه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلافٍ من أصحابه الذين خرجوا معه، ففتح الله بهم مكة، فكانوا اثني عشر ألفًا.

قلت: وعلى قول عُرْوَة، والزُّهريِّ، وموسى بن عقبة، يكون مجموع الجيشين اللَّذين سار بهما إلى هَوَازن أربعة عشر ألفًا؛ لأنه قدم باثني عشر ألفًا إلى مكة على قولهم، وأُضيف إليهم ألفان من الطُّلقاء.

وذكر ابن إسحاق أنه خرج من مكة في خامس شوالي، قال: واستخلَف على أهل مَكَّة عَتَّاب بن أُسِيد بن أبي العِيص بن أُمية بن عبد شمسٍ الأمويَّ.

قلت: وكان عُمُرُهُ إذ ذاك قريبًا من عشرين سنةً. قال: ومضى رسول الله يُريد لقاء هَوَازن. وذكر قصيدة العباس بن مرداس السُّلميِّ في ذلك، منها قوله (٢): [من البسيط]

أَبْلِغ هَوَازن أَعَلاها وأَسْفَلَهَا … مِنّي رسالةَ نُصحٍ فيه تِبْيَانُ

إني أظنُّ رسولَ الله صابِحكم … جيشًا له في فضاء الأرض أركانُ

فيهم سُلَيمٌ أخوكُم غيرُ تارككم … والمسلمون عبادُ الله غسَّانُ

وفي عِضادته اليمنى بنو أَسدٍ … والأَجْرَبَان بنو عَبْسٍ وذُبيانُ

تكاد تَرْجُفُ منه الأرض رهبَتَه … وفي مقدَّمِه أوسٌ وعُثمانُ

قال ابن إسحاق: أوسٌ وعثمان قبيلا مُزينة.

قال: وحدَّثني الزهريُّ، عن سنان بن أبي سناني الدُّئليِّ، عن أبي واقدٍ اللَّيثيِّ أن الحارث بن مالكٍ قال: خرجنا مع رسول الله إلى حنيني ونحن حديثو عهدٍ بالجاهلية. قال: فسرنا معه إلى حنينٍ. قال: وكانت لكفار قريشٍ ومن سواهم من العرب شجرةٌ عظيمةٌ خضراء يقال لها: ذات أنواطٍ. يأتونها كلَّ سنةٍ فيعلِّقون أسلحتهم عليها، ويذبحون عندها، ويعكُفون عليها يومًا. قال: فرأينا ونحن نسير مع رسول الله سدرةً خضراء عظيمةً. قال: فتنادينا من جنبات الطريق: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواطٍ كما لهم ذات أنواطٍ؟ فقال رسول الله : "الله أكبر، قلتم والذي نفس محمدٍ بيده كما قال قوم


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٤٠).
(٢) الأبيات مع غيرها في "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٤١) و "الروض الأنف" (٧/ ١٦٥) وهي مع أبيات غيرها في "ديوان العباس بن مرداس" ص (١٥٤ - ١٥٥) جمع وتحقيق الأستاذ الدكتور يحيى الجبوري، طبع مؤسسة الرسالة ببيروت.