للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نقله التّرمذيّ عن أهل العلم، ثم قال (١): ثنا يوسف بن عيسى، ثنا ابن فُضَيْل، عن عطاء بن السَّائب، عن كثير بن جُمْهان (٢)، قال: رأيتُ ابنَ عمر يمشي في المَسْعى، فقلت: أتمشي في السعي بين الصَّفا والمروة، فقال: لئن سَعَيتُ فقد (٣) رأيتُ رسولَ اللَّه -يَسعى، ولئن مشيتُ لقد رأيتُ رسولَ اللَّه يمشي، وأنا شيخ كبير. ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.

وقد روى سعيدُ بن جُبَيْر عن ابن عباس (٤) نحو هذا.

وقد رواه أبو داود (٥) والنَّسائي (٦) وابن ماجه (٧) من حديث عطاء بن السائب عن كثير بن جُمْهان السُّلَمي الكوفي، عن ابن عمر. فقولُ ابنِ عمرَ إنه شاهدَ الحالين منه يحتمل شيئين: أحدُهما أنه رآه يسعى في وقتٍ ماشيًا لم يمزجه برمَلٍ فيه بالكلية، والثاني أنّه رآه يسعى في بعض الطريق، ويمشي في بعضه، وهذا له قوةٌ لأنه قد روى البخاري (٨) ومسلم (٩) من حديث عبيد اللَّه بن عمر العُمَري، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول اللَّه -كان يَسْعَى بطنَ المَسيل إذا طافَ بين الصَّفا والمَرْوة. وتقدَّم في حديث جابر أنه عليه الصلاة (١٠) والسلام: نزل من الصفا، فلما انصبّت (١١) قدماه في الوادي رَمَلَ حتّى إذا صعد مشى حتّى أتى المروة. وهذا هو الذي تستحبه العلماء قاطبة؛ أنّ الساعيَ بينَ الصَّفا والمَرْوة (١٢) يُسْتَحَبُّ له أن يَرْمل في بطن الوادي، في كل طوفَةٍ (١٣) في بطن المَسيل الذي بينهما، وحدَّدوا ذلك بما بين الأميال الخضر، فواحدٌ مفردٌ من ناحية الصّفا مما يلي المسجد، واثنان مُجْتَمعان من ناحية المروة مما يلي المسجد أيضًا. وقال بعض العلماء: ما بينَ هذه الأميال اليومَ أوسعُ من بطنِ المَسيلِ الذي رَمَلَ فيه رسول اللَّه ، فاللَّه أعلم (١٤):


(١) الترمذيّ (٨٦٤)، وهو حديث صحيح.
(٢) ط: (جهمان). وانظر تقريب التهذيب ٤٥٩، والتهذيب ٨/ ٤١٢.
(٣) أ: (الصفا فقال لئن سعيت ولقد).
(٤) في السنن (ابن عمر).
(٥) أبو داود (١٩٠٤)، وهو حديث صحيح.
(٦) النسائي ٥/ ٢٤١ (٢٩٧٦)، وهو حديث صحيح.
(٧) ابن ماجه (٢٩٨٨)، وهو حديث صحيح.
(٨) البخاري (١٦٤٤).
(٩) مسلم (١٢٦١) (٢٣٠).
(١٠) ط: .
(١١) أ: (انتصبت).
(١٢) بعدها في ط: (وتقدم في حديث جابر).
(١٣) ط: (طوافه).
(١٤) ليست جملة (فاللَّه أعلم) في أ.