للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طواف (١) الزيارة إلى الليل، وهذا الذي عَلَّقَه البُخاري قد (٢) رواه الناسُ من حديث يَحْيى بن سَعيدٍ وعبد الرحمن بن مَهْدي ونوح (٣) بن ميمون، عن سُفْيان الثَّوري، عن أبي الزُّبير، عن عائشة، وابن عباس: أن النبيَّ أخَّر الطَّوافَ يومَ النَّحْرِ إلى الليل. ورواه أهل السُّنَن الأرْبَعة (٤) من حديث سفيان به. وقال الترمذيّ: حسن (٥).

وقال الإمام أحمد (٦): ثنا محمد بن عبد اللَّه، ثنا سفيان، عن أبي الزُّبير، عن عائشة وابن عمر: أنَّ رسولَ اللَّه زارَ لَيْلًا. فإنْ حُمِلَ هذا على أنه أخر ذلك إلى ما بعدَ الزَّوالِ، كأنّه يقول: إلى العَشِيّ صَحَّ ذلك. وأما إنْ حُمل على ما بَعدَ الغُروب فهو بعيدٌ جدًا، ومخالفٌ لما ثبتَ في الأحاديث الصحيحة المشهورة من أنّه طاف يوم النحر نهارًا، وشرب من سقاية زمزم. وأما الطوافُ الذي ذهبَ في الليل إلى البيت بسببه فهو طواف الوداع. ومنَ الرُّواة من يُعَبِّر عنه بطواف الزيارة كما سنذكره إن شاء اللَّه. أو طواف زيارةٍ مَحْضَةٍ قبلَ طوافِ الوَداعِ، وبعد طواف الصَّدرِ الذي هو طواف الفرض. وقد ورد حديثٌ سنذكره في موضعه: أنَّ رسولَ اللَّه كان يزور البيت كُلَّ ليلةٍ من ليالي مِنًى، وهذا بعيد أيضًا، واللَّه أعلم.

وقد روى الحافظ البيهقي (٧) من حديث عمر (٨) بن قيس، عن عبد الرحمن عن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ رسولَ اللَّه أذِنَ لأصْحابِه، فزاروا البيتَ يومَ النَّخرِ ظهيرةً، وزار رسولُ اللَّه مع نسائه ليلًا. وهذا حديث غريب جدًا أيضًا، وهذا قول طاووس وعروة بن الزُّبير: أنَّ رسول اللَّه أخر الطَّوافَ يومَ النحرِ إلى الليل. والصحيحُ من الرواياتِ، وعليه الجمهور، أنّه ، طاف يومَ النَّحْرِ بالنهارِ، والأشبه أنّه كان قبلَ الزّوال، ويحتملُ أن يكون بعده. واللَّه أعلم.

والمقصودُ أنه لمّا قدِمَ مكةَ طافَ بالبيتِ سبعًا وهو راكبٌ، ثم جاء زمزمَ، وبنو عبد المطلب يَسْتَقون منها، ويَسْقون الناس، فتناول منها دَلْوًا فشَرِبَ منه، وأفرغ عليه منه.

كما قال مسلم (٩): أخبرنا محمد بن مِنْهال الضَّريرُ، ثنا يزيد بن زُرَيْع، ثنا حُمَيْدُ الطَّويل، عن بكر بن


(١) ط: (يعني طواف) وفي فتح الباري (الزيارة يعني طواف الزيارة) (٣/ ٥٦٧).
(٢) ط: (فقد).
(٣) ط، أ: (وفرج) وهو خطأ. انظر تهذيب الكمال (٣٠/ ٦٢) (٦٤٩٦).
(٤) ابن ماجه (٣٠٥٩) من حديث يحيى بن سعيد وأبو داود (٢٠٠٠) والترمذي (٩٢٠) والنسائي في السنن الكبرى (٢/ ٤٦٠) (٤١٦٩) والإمام أحمد في المسند (١/ ٢٨٨) من حديث نوح بن ميمون.
(٥) ليس اللفظ في ط.
(٦) مسند الإمام أحمد (٢/ ٥٠) (٥١١٠)، وإسناده ضعيف.
(٧) السنن الكبرى للبيهقي (٥/ ١٤٤) (٩٤٢٠).
(٨) ط: (عمرو) وما هنا عن أ والسنن.
(٩) مسلم (١٣١٦).