للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال البخاري (١)، وقال هشام بن الغاز: أخبرني نافع، عن ابن عمر ، وقفَ النبيُّ يومَ النحر بينَ الجَمَرات في الحجة التي حَجّ بهذا. وقال: هذا يومُ الحجّ الأكبر. فطفقَ النبيُّ يقول: اللهم اشْهَدْ، وَوَدّع الناسَ، فقالوا هذه حجة الوداع. وقد أسْنَدَ هذا الحديث أبو داود (٢) عن مؤمَّل بن الفضل، عن الوليد بن مسلم. وأخرجه ابن ماجه (٣)، عن هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، كلاهما عن هشام بن الغاز بن ربيعة الجُرَشي أبي العباس الدمشقي به.

وقيامه ، بهذه الخطبة عند الجمرات يَحْتَمِلُ أنّه بعد رَمْيِهِ الجَمْرة يوم النحر وقبل طوافه. ويَحْتملُ أنَّه بعدَ طوافه ورجوعه إلى منى ومُرور (٤) بالجمرات.

لكن يُقوِّي الأول ما رواه النسائي (٥) حيث قال: حدثنا عمرو بن هشام الحَرّاني، ثنا محمد بن سَلَمَة، عن أبي عبد الرحيم، عن زَيْد بن أبي أنَيْسة، عن يحيى بن حُصن الأحْمَسي، عن جَدَّته أم حصين قالت: حَجَجْتُ في حَجَّةِ النبيّ ، فرأيتُ بلالًا آخذًا بقَوْدِ (٦) راحلتِه، وأسامة بن زيد رافعٌ عليه ثَوْبَهُ يُظِلُّهُ من الحرِّ وهو مُحْرِمٌ، حتى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. ثم خطبَ الناسَ، فحمِدَ اللَّه، وأثْنَى عليه، وذكر قولًا كثيرًا.

وقد رواه مسلم (٧) من حديث زيد بن أبي أُنَيْسَة، عن يحيى بن الحُصَيْن، عن جَدّتِه أم الحُصَيْن، قالت: حَجَجْتُ مع رسول اللَّه حجةَ الوداعِ، فرأيتُ أسامَةَ وبلالًا، أحدهما آخذٌ بخِطام ناقةِ رسولِ اللَّه ، والآخرُ رافعٌ ثوبَهُ يَسْتُرُهُ من الحرِّ حتى رمى جمرة العقبةِ. قالت: فقال رسول اللَّه قولًا كثيرًا. ثم سَمِعْتُهُ يقولُ: إنْ أمِّرَ عليكم عبدٌ مُجَدَّعٌ (٨) -حَسِبْتُها قالتْ: أسودُ- يَقُودُكم بكتابِ اللَّه فاسْمَعُوا له وأطيعوا.

وقال الإمام أحمد (٩): ثنا محمد بن عُبَيْد (١٠)، ثنا الأعْمَشُ، عن أبي صالح -وهو- ذَكْوانُ السَّمان، عن جابر، قال: خَطَبنا رسولُ اللَّه يَوْمَ النَّحْرِ فقال: أيّ يَوْمٍ أعظمُ حرمةً؟ قالوا: يومُنا


(١) البخاري (١٧٤٢).
(٢) أبو داود (١٩٤٥).
(٣) ابن ماجه (٣٠٥٨).
(٤) ط: (بعد رجوعه إلى منى ورميه).
(٥) السنن الكبرى للنسائي (٢/ ٤٣٦) (٤٠٦٦).
(٦) في السنن الكبرى (بخطام) وسترد في الرواية التالية للحديث.
(٧) مسلم (١٢٩٨).
(٨) "مُجَدّع": أي مُقَطَّع الأعضاء، وللتشديد للتكثير (النهاية: جدع).
(٩) مسد الإمام أحمد (٣/ ٣٧١) (١٥٠٣٢).
(١٠) ط: (عبيد اللَّه)، وهو محمد بن عُبَيْد بن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدب الحافظ أخو يعلى بن عُبيد، حدث عن الأعمش وغيره، حدث عنه أحمد بن حنبل وابن معين وغيرهما، توفي سنة أربع. وقيل خمس ومئتين (سير أعلام النبلاء ٩/ ٤٣٦).