للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعْضَهُنّ، فلم يَقْربْهُنّ حتى توفِّي، ولم يُنْكَحْنَ بعده، منهن أم شَريكٍ، فذلك قوله تعالى: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ [الأحزاب: ٥١]. قال البيهقي: وقد رُوِّينا عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كانت خَوْلة -يعني بنتَ حكيم- ممَّن وَهَبْنَ أنفسَهُنَّ لرسولِ الله . وقال البيهقي: ورُوِّينا في حديث أبي أُسَيْد (١) الساعدي في قصة الجَوْنيَّة التي استعاذت فأَلْحَقَها بأهْلها، أنَّ اسمَها أمَيْمةُ بنت النُّعمان بن شَراحيل، كذا قال.

وقد قال الإمام أحمد (٢): ثنا محمد بن عبد الله الزُّبَيْري، ثنا عبد الرحمن بن الغَسيل، عن حمزة بن أبي أُسيد، عن أبيه، وعباس بن سهل، عن أبيه، قالا: مرَّ بنا النبيُّ وأصحابٌ له، فَخَرَجْنا معه حتى انطلقنا إلى حائطٍ يُقالُ له: الشَّوْطُ حتى انتهينا إلى حائِطَيْن فجلسنا بينهما، فقال رسول الله : "اجلسوا" ودخل هو وقد أُتي بالجَوْنيَّةِ، فعُزِلَتْ في بيت أُمَيْمة بنت النعمان بن شراحيل، ومعها دايةٌ لها (٣)، فلما دخلَ عليها رسولُ الله قال: هَبي لي نَفْسَك؛ قالت: وهل تَهَبُ الملِكةُ نفسَها للسُّوقَةِ!؟ وقالت: إني أعوذُ بالله منك. قال: لقد عُذْتِ بمَعاذٍ. ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أُسَيْد اكسُها رازقِيَّتَيْن (٤) وألحقها بأهلها". وقال غير أبي أحمد: امرأة من بني الجَوْنِ، يقال لها: أُمَيْنة.

وقال البخاري (٥): ثنا أبو نُعَيْم، ثنا عبد الرحمن بن الغَسيل، عن حمزة بن أبي أُسَيْد، عن أبي أُسَيْد قال: خَرَجْنا مع رسول الله حتى انطلقنا إلى حائطٍ يُقال له: الشَّوْط، حتى انتهينا إلى حائِطَيْن، جَلَسْنا بينهما، فقال : "اجلسوا هاهنا" فدخل وقد أُتيَ بالجَوْنيَّة، فأُنْزِلَت في بيت في نخلٍ (٦) في بيت أُمَيْمة بنت النُّعمان بن شَراحيل، ومعها دايَتُها حاضنةٌ لها، فلما دخل عليها رسول الله ، قال: "هَبي نَفْسَكِ لي (٧) ". قالت: وهلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسها للسُّوقة! قال: فأهوى بيده يَضَعُ يدَه عليها لتَسْكُنَ، فقالت: أعوذُ بالله منك. قال: "لقد عُذْتِ بمعاذ". ثم خرجَ علينا فقال: "يا أبا أُسَيْد اكسُها رازقيَّتَين وألْحقها بأهلها".

قال البخاري (٨): وقال الحسين بن الوليد، عن عبد الرحمن بن الغَسيل، عن عباس بن سهل بن


(١) ط: (رشيد) تحريف. وانظر الاستيعاب (٤/ ١٥٩٧).
(٢) مسند الإمام أحمد (٣/ ٤٩٨) و (٥/ ٣٣٩)، وإسنادهما صحيح.
(٣) أ: (دابة لها) وط: (داية بها).
(٤) ط: (دراعتين).
(٥) (٥٢٥٥).
(٦) ليست (في بيت في نخل) في ط واستدركتها عن النسخة أ، ومحلها في ط: (في محل).
(٧) ط: (هبي لي نفسك).
(٨) البخاري (٥٢٥٦ - ٥٢٥٧) معلقًا، وانظر الحديث الذي قبله في البخاري رقم (٥٢٥٥) مسنداً، وشرحه للحافظ ابن حجر.