للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكرنا في موضع آخر سببَ هذه القراءة عليه، وأنَّه قرأ عليه سورة: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ [البينة: ١ - ٣] وذلك أنَّ أُبَي بن كعب كان قد أنْكَرَ على رجلٍ قراءة سورة على خلاف ما كان يقرأ أُبي، فرفَعَهُ أُبيّ إلى رسول اللّه، فقال: "اقرأ يا أُبيّ" فقرأ، فقال: "هكذا أنزلت" ثم قال لذلك الرجل "اقرأ" فقرأ، فقال: "هكذا أُنزلت" قال أبي: فأخذني من الشكّ ولا إذ كنتُ في الجاهليّة، قال: فضربَ رسولُ اللّه في صدره ففِضْتُ (١) عرفًا، وكأنّما أنظرُ إلى اللّه فَرَقًا، فبعدَ ذلك تلا عليه رسول اللّه هذه السورةَ كالتثبيت له والبيان له أنَّ هذا القرآن حقٌّ وصدقٌ. وإنَّه أنْزِل على أحرفٍ كثيرةٍ رحمةً ولطفًا بالعباد.

وقال ابن أبي خيثمة: هو أولُ منْ كتب الوحي بينَ يَدَيْ رسول الله . (وقال محمد بن سعد (٢): كان يكتب الوحي بين يدي رسول اللّه ) (٣) وقد اختُلِفَ في وفاته. فقيل: في سنة تسعَ عشرةَ، وقيل: سنة عشرين، وقيل: ثلاثٍ وعشرين، وقيل: قبل مَقْتَل عُثمان بجُمعةٍ، فاللّه أعلم.

ومنهم، ، أرْقَئم بن أبي الأرقم (٤)، واسمه عبدُ منافِ (٥) بن أسَدِ بن جُنْدَب بن عبد الله بن عمر بن مَخْزوم المَخْزومي.

أسلم قديمًا، وهو الذي كان رسول اللّه . مُسْتَخفيًا في داره عند الصفا، وتُعْرَفُ تلك الدارُ بعدَ ذلك بالخَيْزُران. وهاجرَ وشهد بَدْرًا وما بعدها، وقد آخى رسولُ اللّه بينه وبين عبد اللّه بن أُنَيْس، وهو الذي كتب أقطاعَ عُظَيْم بن الحارث المُحاربي بأمر رسول اللّه بفَخٍّ وغيره، وذلك فيما رواه الحافظ ابنُ عساكر (٦) من طريق عَتيقِ بن يَعْقوب الزُّبَيْري، حدّثني عبد الملك بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أبيه، عن جده عن (٧) عمرو بن حزم. وقد تُوفّي في سنة ثلاثٍ، وقيل: خَمْسٍ وخمسين. وله خَمْس وثمانون (٨) سنة.

وقد روى الإمام أحمد له حديثين:


(١) ط: (فضضت).
(٢) طبقات ابن سعد (٣/ ٤٩٨)، وتاريخ دمشق (٤/ ٣٢٤).
(٣) ليس ما بين القوسين عن أوحدها.
(٤) ترجمته في طبقات ابن سعد (٣/ ٢٤٢)، والاستيعاب (١/ ١٣١)، وأسد الغابة (١/ ٧٤)، وسير أعلام النبلاء (٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠)، والإصابة (١/ ٤٠).
(٥) ليس اللفظ في ط.
(٦) تاريخ دمشق (٤/ ٣٢٥).
(٧) ليس اللفظ في ط.
(٨) أ: (وثلاثون).