للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو القائل : "ما من يوم تُصبح العباد فيه إِلَّا وملكان ينزلان يقول أحدُهما: اللهم أعطِ مُنفقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا" (١).

وفي الحديث الآخر؛ أنه قال لعائشة: "لا تُوعي فيُوعِي الله عليكِ، ولا تُوكي فيُوكي الله عليك" (٢).

وفي الصحيح أنه قال: "يقول الله تعالى: ابن آدم أَنفِق أُنْفِق عَلَيكَ" (٣).

فكيف لا يكون أكرم الناس، وأشجع الناس، وهو المتوكل الذي لا أعظم منه في توكله، الواثق برزق الله ونصره، المستعين بربه في جميع أمره؟ ثم قد كان قبل بعثته وبعدها وقبل هجرته، ملجأً للفقراء والأرامل، والأيتام: والضعفاء، والمساكين، كما قال عمُّه أبو طالب فيما قدمناه من القصيدة المشهورة:

وَمَا تَركُ قَومٍ لَا أبالَكَ سَيِّدًا … يَحوطُ الذِّمارَ غيرَ ذَربٍ مُوَاكِلِ

وأبيضَ يُستَسقى الغَمَامُ بِوَجهِهِ … ثَمالُ اليتامَى عِصمَة لِلأرامِلِ

يَلوذُ بِهِ الهُلّاكُ مِن آلِ هاشِمٍ … فَهُم عِنْدَهُ في نعمةٍ وَفَواضِلِ

ومن تواضعه ما روى الإمام أحمد من حديث حمَّاد بن سلمة، عن ثابت -زاد النسائي: وحميد- عن أنس؛ أن رجلًا قال لرسول الله : يا سيدنا وابن سيدنا، فقال رسول الله : "يا أيُّها الناس قُولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطانُ، أنا محمد بن عبد الله ورسوله، والله ما أحبُّ أن ترفعوني فوقَ ما رفعني الله" (٤).

وفي صحيح مسلم (٥)، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله : "لا تطرُونى كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبدُ الله ورسولهُ".

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا يحيى، عن شعبة، حدَّثني الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، قال:


(١) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٤٤٢) في الزكاة، ومسلم في صحيحه رقم (١٠١٠) في الزكاة من حديث أبي هريرة .
(٢) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٤٣٣) في الزكاة، ومسلم في صحيحه رقم (١٠٢٩) في الزكاة وفيهما أن النَّبِيّ قال ذلك لأسماء بنت أبي بكر . ومعنى "تُوعِي": تحفظي المال فلا تنفقي منه شيئًا.
(٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (٦٤٨٤) في التفسير، ومسلم في صحيحه رقم (٩٩٣) في الزكاة.
(٤) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٢٤١) والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (٢٤٨) وهو حديث صحيح.
(٥) هكذا قال المصنف، ولو قال: "وفي صحيح البخاري" لكان أصح فإن الجملة التي ساقها في أحاديث الأنبياء من صحيح البخاري (٣٤٤٥)، أما مسلم فقد ساق حديث عمر مختصرًا (١٦٩١) (١٥) وليس فيه هذه الجملة، وهو في مسند أحمد بتمامه (١/ ٥٥ - ٥٦).