للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الترمذي. ثم قال: وهو شيخٌ آخر أقدم من الضحاك بن عثمان، ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فيمن اسمه عثمان.

فقد رُوِي هذا عن عبد اللّه بن سلام، وهو من أئمة أهل الكتاب ممن آمن. وعبد اللّه بن عمرو بن العاص، وقد كان له اطلاع على ذلك من جهة زاملتين (١) كان أصابهما يوم اليرموك، فكان يحدِّث منهما عن أهل الكتاب. وعن كعب الأحبار، وكان بصيرًا بأقوال المتقدمين على ما فيها من خلط وغلط وتحريف وتبديل، فكان يقولُها بما فيها من غير نقد، وربما أحسن بعضُ السلف بها الظن نقلها عنه مُسلَّمة، وفي ذلك من المخالفة لبعض ما بأيدينا من الحق جملةٌ كثيرة، لا يَتفطَّنُ لها كثيرٌ من الناس. ثم ليُعلم أن كثيرًا من السلف يُطلقون التوراة على كتب أهل الكتاب (سواء كانت هذا) (٢) المتلوَّ عندَهم، أو أعمَّ من ذلك، كما أن لفظ القرآن يُطلق على كتابنا خصوصًا (وقد يُستعمل) (٣) ويُراد به غيره، كما في الصحيح: "خُفِّف على داود القرآن، فكان يأمر بدوابه فتُسرج، فيقرأ القرآن مقدار ما يفرغ منها" (٤). وقد بُسط هذا في غير هذا الموضع، واللّه أعلم.

وقال البيهقي: عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يُونسَ بن بُكير، عن ابن إسحاق، حدّثني محمد بن ثابت بن شُرحبيل، عن أم الدرداء، قالت: قلت لكعبٍ الحَبر: كيف تجدون صفةَ رسول اللّه في التوراة؟ قال: نجدُه: محمدٌ رسولُ اللّه، اسمُه المتوكِّل، ليس بفظّ ولا غليظٍ، ولا سخَّابٍ بالأسواق، وأُعطي المفاتيح ليُبَصِّرَ اللّه به أعينًا عميًا، ويُسمعَ به آذانًا وُقرأْ (٥)، ويُقيم به ألسُنًا مُعوجَّة حتى يُشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، يُعين المظلوم ويمنعه (٦).

وبه عن يُونسَ بن بُكير، عن يُونس بن عمروٍ، عن العَيزَار بن حُرَيثٍ، عن عائشة: أن رسولَ اللّه مكتوبٌ في الإنجيل: لافظٌّ، ولا غليظٌ، ولا سخَّابٌ في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلَها، بل يعفو ويصفح (٧).

وقال يعقوبُ بن سفيان: حدَّثنا فيضٌ البَجَليّ: حَدَّثنا سَلاَّمُ بن مِسكين عن مُقاتِل بن حيَّان قال:


(١) "زاملتين": الزاملة: التي يُحمل عليها من الإبل وغيرها، وكان عليهما بعض كتب أهل الكتاب، فكان عبد اللّه بن عمرو يحدث منها.
(٢) ما بين القوسين سقط من المطبوع، وأثبته من (أ).
(٣) ما بين القوسين سقط من المطبوع، وأثبته من (أ).
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/ ٣١٤) والبخاري في صحيحه رقم (٣٤١٧) في الأنبياء.
(٥) "وُقرًا": الوَقر: الصمم.
(٦) دلائل النبوة؛ للبيهقي (١/ ٣٧٦ - ٣٧٧). وإسناده ضعيف ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو في البخاري.
(٧) دلائل النبوة؛ للبيهقي (١/ ٣٧٧ - ٣٣٨) وهو حديث حسن.