للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا أسلمتك)، ولا عبت (١) عليك، ولا جئت منكرًا، إني وصلتُ رحمًا، وسددتُ خلة، وآويتُ ضائعًا، ووليت شبيهًا بمنْ كان عمرُ يُولِّي، أنشدك الله يا علي هل تعلم أنَّ المغيرةَ بن شعبة ليس هناك؟ قال: نعم! قال: فتعلمُ أن عمرَ ولاه؟ قال: نعم! قال: فلم تلوموني (٢) أن وليت ابن عامر في رحمه وقرابته (٣)؟ فقال علي: سأخبرك أنَّ عمر كان كلما ولى أميرًا (٤) فإنما يطأ على صماخيه (٥)، وأنه (إن) بلغه حرف جاء به، ثمَّ بلغ به أقصى الغاية في (العقوبة)، وأنت لا تفعل، ضعفت ورفقت (٦) على أقربائك. فقال عثمان: هم أقرباؤك أيضًا، فقال علي: لعمري (٧) إنَّ رحمَهم مني لقريبةٌ، ولكنَّ الفضلَ في غيرهم. قال عثمان: هل تعلمُ أنَّ عمرَ ولَّى معاويةَ خلافته كلَّها، فقد وليتُه، فقال عليٌّ: أنشدك (الله) هل تعلم أن معاوية كان أخوفَ من عمر من يَرْفأ غلام عمرَ منه؟ قال: نعم! قال علي: فإنَّ معاويةَ يقطعُ الأمورَ دونك (وأنت تعلمها) ويقول للناس: هذا أمر عثمان، فليبلغك (٨) (فلا تنكر) ولا تغير على معاوية ثم خرج عليّ من عنده وخرج عثمان على إثره فصعد المنبر [فخطب الناس] (٩) فوعظ وحذَّر وأنذرَ، وتهدَّد وتوعد، وأبرقَ وأرعدَ، فكان فيما قال: ألا فقد (والله) عبتُم عليَّ بما أقررتُمْ به لابن الخطّاب، ولكنه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم (١٠) بلسانه، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم، وأوطأت لكم كتفي، وكففتُ يدي ولساني عنكم، فاجترأتم عليَّ، أما واللهِ لأنا أعزُّ نفرًا وأقربُ ناصرًا وأكثرُ عددًا وأقْمن، إن قلت: هلمّ إليّ إليّ، ولقد أعددت لكم أقرانكم، وأفضلتُ عليكم فضولًا، وكشرت لكم عن نابي، فأخرجتم مني خُلُقًا لم أكن أُحسنه، ومنطقًا لم أنطق به، فكفّوا ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم، فإنّي قد كففتُ عنكم منْ لو كان هو الذي يليكم لرضيتم منه بدون منطقي هذا، ألا فما تفقدون من حقكم؟ فوالله ما قصرت في بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلي، ثمّ اعتذر عما كان يعطي أقرباءه (١١) بأنه من فضل ماله. فقام مروان بن الحكم فقال: إن شئتم والله حكَّمنا بيننا وبينكم السيف، نحن والله وأنتم كما قال الشاعر: [من الطويل]


(١) في أ: ولا بحثت عليك.
(٢) في أ: قال يلومونني أن.
(٣) مكان اللفظة بياض في أ بقدر كلمة أو كلمتين.
(٤) في أ: أن عمر كان كل من ولى فإنما يطأ.
(٥) الصماخ هنا بمعنى الأذن. اللسان (صمخ).
(٦) في أ: وزققت.
(٧) في أ: فقال علي: أجل إن رحمهم.
(٨) الأصوب أن يقال: فيبلغك.
(٩) ما بين الحاصرتين ساقط من ط.
(١٠) في أ: وقهركم، وكذلك في تاريخ الطبري (٤/ ٣٣٨).
(١١) في أ: أقاربه.