للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه أبو داود (١) والترمذي (٢) من حديث حبيب بن الشهيد، وقال الترمذي: حديث حسن (٣).

وروى أبو داود (٤) من حديث الثَّوري، عن ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد المَقْرائي الحمصي، عن معاوية قال: قال رسول اللَّه : "إنَّكَ إنْ تتبَّعْتَ عَوْراتِ الناسِ أفسَدْتَهُمْ أو كدتَ أنْ تُفسِدَهم" قال [أبو الدرداء]: كلمة سمعها معاوية نفعه اللَّه بها. تفرد به أحمد (٥). يعني أنه كان جيِّد السِّيرة، حسن التجاوز، جميل العفو، كثير السّتر، رحمه اللَّه تعالى.

وثبت في "الصحيحين" من حديث الزُّهري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن معاوية أنه قال: سمعت رسول اللَّه يقول: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بهِ خيرًا يفقِّهْهُ في الدِّين، وإنَّما أنا قاسمٌ واللَّهُ يُعْطي، ولا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي ظاهرينَ على الحقِّ لا يَضُرُّهم مَنْ خَذَلَهم ولامَنْ خالَفَهم حتى يأتي أمرُ اللَّهِ وهم ظاهرون" وفي رواية: "وهم على ذلك" (٦).

وقد خطب معاوية بهذا الحديث مرة ثم قال: وهذا مالك بن يُخامِر يخبر عن معاذ أن رسول اللَّه قال: "وهم بالشام" (٧) يحثُّ بهذا أهل الشام على مناجزة أهل العراق، وأن أهل الشام هم الطائفة المنصورة على من خالفها. وهذا مما كان يحتج به معاوية لأهل الشام في قتالهم أهل العراق.

وقال الليث بن سعد: فتح معاوية قيساريَّة سنة تسمع عشرة في دولة عمر بن الخطاب.

وقال غيره: وفتح قُبرص سنة خمس -وقيل: سبع، وقيل: ثمان- وعشرين في أيام عثمان.

قالوا: وكان عام غزوة المضيق -يعني مضيق القُسْطنطينية- في سنة اثنتين وثلاثين في أيامه، وكان هو الأمير على الناس عامئذ.

وجمع عثمان لمعاوية جميع الشام [وقيل: إن عمر هو الذي جمعها له. والصحيح عثمان] (٨). واستقضى معاويةُ فَضَالة بن عبيد بعد أبي الدرداء. ثم كان ما كان بينه وبين عليٍّ بعد قتل عثمان على سبيل الاجتهاد والرأي، فجرى بينهما قتال عظيم كما قدَّمنا، وكان الحقُّ والصواب مع عليّ، ومعاوية معذور


(١) برقم (٥٢٢٩) في الأدب: باب في قيام الرجل للرجل.
(٢) برقم (٢٧٥٥) في الأدب: باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل.
(٣) وإنما اقتصر الإمام الترمذي على تحسينه لما في لفظه من اختلاف، فانظر علل ابن أبي حاتم (٢٥٣١) (بشار).
(٤) أبو داود (٤٨٨٨) في الأدب: باب في النهي عن التجسس وهو حديث صحيح. وما ورد ضمن حاصرتين مستدرك منه.
(٥) هكذا قال وهو وهم بين من المصنف أو سبق قلم منه صوابه: "تفرد به أبو داود"، إذ لا علاقة لأحمد هنا (بشار).
(٦) رواه البخاري رقم (٧١) وأخرجه مسلم رقم (١٠٣٧) (١٠٠) بقسمه الأول، وأخرجه بتمامه رقم (١٠٣٧) الذي بعد (١٩٢٣) من طريق يزيد بن الأصم عن معاوية والرواية الأخرى أخرجها البخاري رقم (٣٦٤١) و (٧٤٦٠) من طريق عمير بن هانئ عن معاوية.
(٧) رواه البخاري رقم (٣٦٤١) و (٧٤٦٠).
(٨) ما بين حاصرتين ليس في أ.